وأما قولكم: (فلماذا عاتبه الله في الأسرى وفي الأعمى) فأرى أن هذا السؤال يتوجه إليكم، إذ كيف تُخرِّجون ما وقع منه صلى الله عليه وسلم في شأن الأسرى ـ مثلاً ـ، فالله سبحانه وتعالى يقول: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم)
أفترى أن ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة لأفضل، أو ما عبر عنه بعضهم أنه خلاف الأولَى؟!
كيف يكون ترتيب هذه العقوبة على خلاف الأفضل أو الأولى؟!
أفهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا؟ أفهم الصحابة على هذا المعنى؟ فهاهو الإمام مسلم وغيره يذكرون في الآية ما ورد عن عمر بن الخطاب في أن النبي صلى الله عليه وسلم استشارهم في أسرى بدر فرأى أبو بكر الفداء ورأى عمر قتلهم، فمال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي عمر، قال عمر: (فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان. قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبكي للذي عَرَضَ عليَّ أصحابُك من أخذهم الفداء؛ لقد عُرِضَ علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم)، وهذا واضح في وقوع الخطأ في أخذ الفداء، وهذا الحديث مبيِّن لظاهر الآية (لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) أيمسهم العذاب بسبب خلاف الأفضل؟!
رابعًا: أما قوله تعالى: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) فيتوجه السؤال إليكم أيضًا، وهو: إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وقع فيما يوجب المغفرة، وإما أنه لم يقع.
فإن كنتم ترون أنه وقع فيما يوجب المغفرة، فقد وافقتم ظاهر الآية، فالذي هو أعلم بنبيه صلى الله عليه وسلم، وأدرى به، الذي أدَّبه وشرَّفه بالرسالة = يعده بمغفرة ذنوبه، وهذا ظاهر النصِّ بلا ريب.
ولست أرى ما ذهب إليه بعضهم من تأويلات بعيدة تخالف نص الآية، فقد ذهب بعضهم إلى أنه يغفر ذنب أبيه آدم، وهذا المتقدم، ويغفر ذنوب أمته، وهذا المتأخر، وهذا مخالف للنص كما ترى، ولا يدل عليه لا نص شرعي آخر، ولا حجة عقل.
وإن كنتم ترون أنه لم يقع فيما يوجب المغفرة، فما فائدة الآية إذن، وماهو تفسيرها، فأي شيء يُغفر إذا كان ليس ثمتَ ما يوجب المغفرة؟!
إن هذه الآية مِنَّةٌ من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، وتَكْرِمَةٌ منه له في أنه صلى الله عليه وسلم قد غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكان منه أنه شكر ذلك لله، فكان يكثر من القيام، حتى قالت عائشة رضي الله عنها: (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا) فهذه عائشة تردد نص الآية، ولم تفهم منها غير ظاهرها، ولم يدلها النبي صلى الله عليه وسلم على غير ظاهرها، بل أبان عن شكره لربه بما هو له أهل صلى الله عليه وسلم.
وأختم بأمرين:
الأول: إني أستغفر الله من أي خطأ في كلامي تجاه أنبيائه، غير أني أثبت ما أثبته النص، فإن كان في كلامي ما يخالف ظاهر القرآن أو السنة، فإني أرجع عنه ولا أقول به.
الثاني: طلب خاص لابن حجر ـ حفظه الله ـ:
أودُّ منكم ـ حفظكم الله ـ لو أبنتم عن أنفسكم، فأنتم ـ كما ظهر من قولكم: (وصرحت به لبعض طلابنا في الكلية حين سئلت عن ذلك) ـ في صرح علمي، فيا حبذا لو ذكرتم اسمكم الصريح، وجزاكم الله خير ما يجزي عباده.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Oct 2004, 11:46 م]ـ
هل إخوة يوسف عليه السلام أنبياء؟ ومن هم الأسباط؟
المسألة مبنية على أن إخوة يوسف أنبياء كما قال السائل، وإذا تبين عدم نبوتهم فلا سؤال.
وهذا نص مشاركة قد ذكرتها ضمن سلسلة: فوائد وتنبيهات في التفسير (2):
وقال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله وقد سئل عن إخوة يوسف هل كانوا أنبياء؟:
¥