تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذن فسورة البقرة تعبر عن فترة التأهيل، وبعد إتمام التأهيل ينال الإنسان شهادة بذلك ليكلف بمهمته.

أما الشهادة فهي قوله تعالى: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير).

وأما التكليف بعد نيل شهادة التأهيل فهو قوله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ... إلى آخر السورة.

بقي علينا أن نلتفت إلى شيء آخر يتطلبه كمال الحكمة ألا هو الاستشهاد بمثل واقعي لطمأنة من يقع عليه الأمر.

مثلا:

إذا نصحت صديقا لي بأن يسلك طريقا للنجاح في مهمة ما فإنه يحتاج إلى دليل مقنع تطمئن به نفسه، والدليل المقنع هو الاستشهاد بشخص سلك نفس الطريق فنجح.

والله تعالى يدلنا على تجارة تنجينا من عذاب أليم. فمن هو الإنسان الذي يستحق أن يضرب الله به المثل للتاجر الناجح في هذه التجارة؟

التجارة التي يدلناالله عليها هي اتباع الهدى، فمن هو المهدي الذي وفى فاستحق أن يقتدي به المؤمنون بمن فيهم الأنبياء والرسل الذين جاؤوا من بعده؟

إنه هو ذلك النبي الذي أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام باتباع ملته: ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا). وكذلك الأمر لكل المؤمنين: قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا).

إذن فإبراهيم عليه الصلاة والسلام هو المهدي الذي يجب أن يضرب به المثل في القرآن لهدى الإنسان ولهدى الأمة.

فإذا كان الإنسان يستغرق زمنا قدره 15 سنة ليتأهل للتكليف فإن اسم إبراهيم ورد في سورة البقرة 15 مرة. وبما أن مرحلة طفولة الإنسان 15 سنة ينتقل بعدها إلى مرحلة الرجولة فإن اسم إبراهيم ورد فقط في سورة البقرة بالرسم الآتي: (إبراهم) بدون ياء.

وأي صاحب مهنة لا يحمل اسم مهنته إلا بعد تأهله: الذي يدرس الطب يقال له (طالب طب)، وبعد تأهله يصبح (طبيب)، كذلك أصبح اسم (إبراهم) بعد سورة البقرة (إبراهيم) بزيادة ياء بعد الهاء.

وإبراهيم عليه السلام وصفه الله بأنه أمة (إن إبراهيم كان أمة)، فهو أحق أن يضرب مثلا لأمة الإسلام، وإذا كانت وحدة قياس عمر الإنسان هي السنة فإن وحدة قياس عمر الأمة هي القرن، فإذا كانت الوسيلة (التأهيل) تستغرق 15 سنة عند الإنسان لتتحقق الغاية (التكليف) فإن الوسيلة بالنسبة للأمة تستغرق 15 قرنا لتتحقق الغاية ويظهر الله الهدى ودين الحق على الدين كله.

الهدى هو القرآن، وأول ما أنزل منه هو قوله تعالى: إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم.

والغاية هي النصر بإظهار الهدى ودين الحق، وآخر ما نزل من القرآن هي سورة النصر: إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا).

ومن تمام الحكمة أن تكون سورة النصر (آخر سورة أنزلت) هي السورة الخامسة عشر ترتيبا في المصحف عند بدء العد من (أول ما أنزل) من سورة العلق إلى سورة النصر.

كما أن سورة النمل التي تبشر المؤمنين بالهدى والبشرى لا تعني المؤمنين المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا معاصرين لتنزيل الهدى، وليس معنى قول الله تبارك وتعالى في نفس السورة: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) أنه سيريكم يا أيها المؤمنين أصحاب رسول الله، وإنما سيريهم آياته فيعرفونها بعد 15 قرن، ونلاحظ أن سورة فصلت التي فصل الله فيها تلك الآيات بأنها في الآفاق وفي الأنفس في قوله: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) هي السورة الخامسة العشر ترتيبا في المصحف إذا بدأت العد من سورة النمل، إذن فما بين (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها ... (النمل) إلى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ... (فصلت) 15 سورة: أولها سورة النمل والسورة الخامسة عشر هي سورة فصلت.

وسبحان الله الذي يقول: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ).

ـ[عبدالقادر]ــــــــ[16 Apr 2006, 12:29 م]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير