وحق أن يضرب الله المثل الأحسن بالأحسن، فالقرآن هو أحسن الحديث يجب أن يضرب له المثل بأحسن القصص.
والقصة يقدر حسنها بمدى تأثيرها العاطفي على السامع، وأنت حين تستمع إلى قصة يوسف عليه السلام مع إخوته وأبيه تدمع عيناك.
ما هي الحكمة التي في سورة يوسف والتي ضربها الله مثلا للقرآن؟
إنها (التأويل).
ابتدأت قصته برؤيا فسر أبوه جزءا منها على أنها تعني أن الله سيعلمه من تأويل الأحاديث وسكت عن المعنى الآخر للرؤيا إلى أن يتحقق
واقعا.
والمراد بتأويل الأحاديث هو تعبير الرؤى، والرؤيا وحي من الله يضرب فيها للرائي أمثالا من الحكمة لا يفقه تعبيرها إلا من علمه الله التأويل.
ثم بعدما بلغ يوسف أشده آتاه الله حكما وعلما وبفضل ذلك بدأ يعبر للناس الرؤى فتتحقق كما عبرها (تصديقا لقول أبيه (ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك).
وبفضل ما أنعم الله عليه من علم مكن الله ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء.
وحقق له الله الجزء المتبقي من تعبير رؤياه في صباه بسجود أبويه وإخوته له فقال: ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا).
هذه هي الخلاصة التي ضربها الله مثلا للقرآن.
ضربت الرؤيا مثلا للوحي القرآني، فالرؤيا وحي حكيم من الله، وكذلك القرآن كتاب حكيم.
وكما ابتدأت قصة يوسف برؤيا لم يأت تأويلها واقعا في حينها وإنما بعد أن بلغ يوسف أشده وآتاه الله حكما وعلما عندئذ فتح الله عليه وابتدأ يرى آيات الله في الآفاق برؤيته لرؤى الناس تحقق كما يؤولها، وأراه الله الآيات في نفسه حيث تحققت رؤياه بسجود أبويه وإخوته له.
كذلك أمة الإسلام آتاها الله الكتاب الحكيم وحينما تبلغ أشدها يؤتيها الله حكما وعلما فتعلم تأويله ويتبين الكتاب للناس ويروا آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم فيعلموا حق اليقين أنه الحق من ربهم.
ويمكن الله لأمة القرآن في الأرض كما مكن ليوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو علي]ــــــــ[16 Apr 2006, 10:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: يأأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) الصف 11.
لقد ضرب الله المثل لقضية الهدى بالتجارة، فكل عمل مقابل أجر هو تجارة، والعمل هناهو: تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم. والأجر هو: الجزاء على ذلك بالجنة ورضوان من الله.
وحق أن يضرب الله المثل للهدى بالتجارة وذلك لأن استبقاء حياة الإنسان يعتمد على الرزق، فهو مجبر على مزاولة أية تجارة لكسب الرزق.
إذن فما من إنسان إلا وله عمل مقابل أجر لتحصيل رزقه، وكل مهنة يمارسهاالإنسان تعتبر تجارة، فالطب تجارة، والهندسة تجارة، والخراطة تجارة ... وهكذا كل مهنة يحصل بها الإنسان على أجر هي تجارة.
وبما أن الله تعالى ضرب التجارة مثلا للهدى فإننا نرى المعنى محققا في طريقة ترتيب سور القرآن الكريم.
قبل الحديث عن القرآن تعالوا لنرى ماهي المراحل التي يمر بها أي إنسان لمزاولة مهنته.
كل ذي مهنة يمر بالمراحل التالية:
1) (النية) الإرادة والإختيار: اختار أن يصبح طبيبا أو أن يصبح مهندسا، والاختيار يتم بإرادة عن حب لما اختاره مع تمني تحقيقه.
2) (الوسيلة) التأهيل: وهو السعي إلى تعلم المهنة.
3) (بلوغ الغاية) والتكليف: وهو يأتي بعد إتمام التأهيل وذلك بنيل شهادة تأهيله ليصبح أهلا للتكليف بممارسة مهنته.
مثلا:
المهندس قبل أن يصبح مهندسا كانت أمنيته أن يصبح مهندسا، فسعى إلى ذلك بدخوله كلية الهندسة، فتعلم كل علوم الهندسة ونال شهادة التأهيل التي بها أصبح قادرا على التكليف بممارسة مهنته.
تعالوا نرى تطبيق هذه القضية في القرآن.
1) فاتحة الكتاب تعبر عن اختيار وتمني الهدى مثلما يختار أي إنسان أية تجارة (مهنة) ويتمنى تحقيقها.
2) سورة البقرة تعبر عن مرحلة التأهيل. والتأهيل يتم بتعلم علوم كل ما تتطلبه المهنة، كذلك فإن سورة البقرة تعتبر سورة الهدى، فيها علم كل شيء يتعلق بالإيمان والتقوى الذي يؤهل طالبه لأن يصبح مؤمنا، بينت أركان الإسلام وكل الفرائض، وبينت ما يجب اجتنابه، وفيها قصة خلق آدم النموذج الأول للإنسان ...
¥