وقد أفرده بالتصنيف الإمام عز الدين ابن عبد السلام ولخصته مع زيادات كثيرة في كتاب سميته مجاز الفرسان إلى مجاز القرآن وهوقسمان.
الأول: المجاز في التركيب ويسمى مجاز الإسناد.
والمجاز العقلي وعلاقته الملابسة وذلك أن يسند الفعل أوشبهه إلى غير ما هوله أصالة لملابسته له كقوله تعالى {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا} نسبت الزيادة وهي فعل الله إلى الآيات لكونها سببًا لها {يذبح أبناءهم} يا هامان ابن لي نسب الذبح وهوفعل الأعوان إلى فرعون والبناء وهوفعل العملة إلى هامان لكونهما آمرين به وكذا قوله {وأحلوا قومهم دار البوار} نسب الإحلال إليهم لتسببهم في كفرهم بأمرهم إياهم به.
ومنه قوله تعالى {يومًا يجعل الولدان شيبًا} نسب الفعل إلى الظرف لوقوعه فيه عيشة راضية أي مرضية {فإذا عزم الأمر} أي عزم عليه بدليل فإذا عزمت.
=======================
وهذا القسم أربعة أنواع. أحدها: ما طرفاه حقيقيان كالآية المصدر بها وكقوله {وأخرجت الأرض أثقالها} ثانيها: مجازيان نحو {فما ربحت تجارتهم} أي ما ربحوا فيها وإطلاق الربح والتجارة هنا مجاز.
ثالثها ورابعها: ما أحد طرفيه حقيقي دون الآخر أما الأول والثاني.
كقوله {أم أنزلنا عليهم سلطانًا} أي برهانًا {كلا إنها لظى نزاعة للشوى} تدعو فإن الدعاء من النار مجاز.
وقوله {حتى تضع الحرب أوزارها} {تؤتي أكلها كل حين} {فأمه هاوية} فاسم الأم الهاوية مجاز: أي كما أن الأم كافلة لولدها وملجأ له كذلك النار للكافرين كافلة ومأوى ومرجع.
القسم الثاني: المجاز في المفرد ويسمى المجاز اللغوي وهواستعمال اللفظ من غير ما وضع له أولًا وأنواعه كثيرة.
================================
أحدها: الحذف وسيأتي مبسوطًا في نوع المجاز فهوبه أجدر خصوصًا إذا قلنا إنه ليس من أنواع المجاز.
=================================
الثاني: الزيادة وسبق تحرير القول فيها في نوع الإعراب.
==================================
الثالث: إطلاق اسم الكل على الجزء نحو يجعلون أصابعهم في آذانهم أي أناملهم ونكتة التعبير عنها بالأصابع الإشارة إلى إدخالها على غير المعتاد مبالغة من الفرار فكأنهم جعلوا الأصابع {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} أي وجوههم لأنه لم ير جملتهم {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} أطلق الشهر وهواسم الثلاثين ليلة وأراد جزءًا منه كذا أجاب به الإمام فخر الدين عن استشكال أن الجزاء يكون بعد تمام الشرط والشرط أن يشهد الشهر وهواسم لكله حقيقة فكأنه أمر بالصوم بعد مضي الشهر وليس كذلك.
وقد فسره علي وابن عباس وابن عمر على أن المعنى: من شهد أول الشهر فليصم جميعه وإن سافر في أثنائه.
أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما وهوايضًا من هذا النوع ويصلح أن يكون من نوع الحذف.
==============================
الرابع: عكسه نحو ويبقى وجه ربك أي ذاته فولوا وجوهكم شطره أي ذواتكم إذ الاستقبال يجب بالصبر {وجوه يومئذ ناعمة} ووجوه يومئذ خاشعة.
عاملة ناصبة عبر بالوجوه عن جميع الأجساد لأن التنعم والنصب حاصل لكلها ذلك بما قدمت يداك بما كسبت أيديكم أي قدمت وكسبت ونسب ذلك إلى الأيدي لأن أكثر الأعمال تزاول بها قم الليل وقرآن الفجر واركعوا مع الراكعين ومن الليل فاسجد له أطلق كلًا من القيام والقراءة والركوع والسجود على الصلاة وهوبعضها {هديا بالغ الكعبة} أي الحرم كلعه بدليل أنه لا يذبح فيها.
تنبيه ألحق بهذين النوعين شيئان.
أحدهما: وصف البعض بصفة الكل كقوله {ناصية كاذبة خاطئة} فالخطأ صفة الكل وصف به الناصية وعكسه كقوله {إنا منكم وجلون} والوجل صفة القلب {ولملئت منهم رعبًا} والرعب إنما يكون في القلب.
والثاني: إطلاق لفظ بعض مراد به الكل ذكره أبوعبيدة وخرج عليه قوله {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} أي كله {وإن يك صادقًا يصبكم بعض الذي يعدكم} وتعقب بأنه لا يجب على النبي بيان كل ما اختلف فيه بدليل الساعة والروح نحوها وبأن موسى كان وعدهم بعذاب في الدنيا وفي الآخرة فقال: يصبكم هذا العذاب في الدنيا وهوبعض الوعيد من غير نفي عذاب الآخرة ذكره ثعلب.
¥