وأظهر الأقوال، والله أعلم، قول مجاهد ومتابعيه، ووهب بن منبه: أنهم قوم ليسوا على دين اليهود ولا النصارى ولا المجوس ولا المشركين، وإنما هم قوم باقون على فطرتهم ولا دين مقرر لهم يتبعونه ويقتفونه، ولهذا كان المشركون ينبزون من أسلم بالصابئي، أي: أنه قد خرج عن سائر أديان أهل الأرض إذ ذاك. اهـ
و "صبا" بمعنى: "مال" فكأن الصابئ قد مال عن الأديان فخرج منها جميعا.
وقال بعض العلماء، وأظنه أبا العباس ابن تيمية، رحمه الله، والنقل يحتاج إلى مزيد تحقيق، قال بأن "الصابئين" صنفان:
صنف صبا بمعنى "مال" عن أديان الأرض إلى دين الإسلام فدخل فيه، فهذا الصنف محمود السيرة، وهو المراد في هذه الاية، ولذا غيرت حركة إعرابه تنويها به، ليلتفت السامع متسائلا عن حال أولئك الصابئين، فيجاب بأنهم: قوم خرجوا من أديانهم ودخلوا في السلم كافة.
وأما في:
قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
فإن لفظ "الصابئين" جاء منصوبا على القياس، لأن المقصود بهم هنا: عبدة الكواكب الصابئة، فلا ميزة لهم تستحق التنويه لأنهم مشركون.
وعن الآية الثانية يقول أبو السعود رحمه الله:
وقوله تعالى: {إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} في حيِّز الرِّفعِ على أنَّه خبرٌ لإنَّ السَّابقةِ، وتصدير طرفَيْ الجملتين بحرفِ التَّحقيق لزيادة التَّقديرِ والتَّأكيدِ، أي يقضي بين المؤمنينَ وبين الفرقِ الخمسِ المتَّفقةِ على ملَّةِ الكُفرِ بإظهار المحقِّ من المبطل وتوفيةِ كلَ منهما حقَّهُ من الجزاء بإثابة الأوَّلِ وعقاب الثَّاني بحسب استحقاقِ أفراد كلَ منهما.
فجعل الصابئين داخلين في الأصناف الخمسة المقابلة لصنف المؤمنين، ولما كان المقام مقام مفاصلة، انضم الصابئون عبدة الكواكب إلى بقية طوائف الضلال المخالفة لطائفة المؤمنين، فلم يستحقزا التنويه بتغيير حركة إعراب أو سياق.
وهذه اللفتات مما يؤكد على بلاغة القرآن الكريم في الإشارة إلى معان كثيرة بإشارات موجزة، كحذف، أو تقديم وتأخير، أو تغيير حركة إعرابية ........... الخ، لا أن فيه أخطاء نحوية كما يزعم بعض السذج من الأعاجم، وليت شعري، كيف خفيت هذه الأخطاء على أمثال الوليد بن المغيرة وأبي جهل وأمثالهم من فصحاء قريش، ليكتشفها أقوام لا يحسنون رفع الفاعل ونصب المفعول!!!!.
والله أعلى وأعلم.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[22 - 10 - 2006, 05:07 م]ـ
بوركتما ونفع الله بكما
تحياتي
ـ[أبوالأسود]ــــــــ[23 - 10 - 2006, 03:56 ص]ـ
الشكر الجزيل للجميع على هذا المجهود
أخوكم أبو الأسود
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[23 - 10 - 2006, 12:31 م]ـ
لم أفهم ( ops ;)
ياريت أحد الإخوان يبسط لنا الإجابة قليلاً: rolleyes:
( لا بل كثيرا ( ops )
ـ[فتى اللغة العربية]ــــــــ[01 - 02 - 2007, 12:14 م]ـ
إخواني الأعزاء لقد عرض العكبري لكلمة الصابئون سيعة أعاريبفي كتابه ما منّ به الرحمن في إعراب القرآن
ـ[محمد يسري]ــــــــ[02 - 02 - 2007, 01:58 ص]ـ
الرجاء من الأخوة الأفاضل الإجابة عن باقي الأسئلة لتعم الفائدة ........... وفق الله الجميع لبيان فصاحة وبلاغة القرآن الكريم، وشكرا أخي المهاجر ... و أرجو من أخي فتى اللغة العربية تلخيص ما قاله العكبري .. وشكر الله لكم وأعانكم للزود عن الفصحى .. والرد على أمثال هؤلاء .....
تلميذكم وأخوكم في الله "محمد يسري"