تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبوعبيدالله المصرى]ــــــــ[29 - 10 - 2006, 01:59 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا بحثٌ ماتعٌ لأخينا الفاضل أبى عبدالمُعِزِّ-بارك الله فيه- حول هذا الموضوع

أين خبر "لا"؟

"لا":نافية للجنس.

"إله" اسمها منصوب أو مبني معها على الفتح.

أين خبرها؟.

تمهيد قصير:

هذا أعظم مبحث فى إعراب الكلمة الطيبة. والسبب فى ذلك أن خطأ من أخطأ في هذا المقام لا يوزن بميزان النحو فقط بل بميزان العقيدة أيضا. فلك أن تقول لمن أخطأ لقد ضللت وابتدعت. ولمن أصاب لقد اهتديت واتبعت. فيتماهى الحكم النحوي والحكم الشرعي. وأنا مضطر في هذا المبحث الى إدخال مباحث فرعية منطقية وكلامية فليحتمل إخواني القراء ذلك. ولعلي اقسم البحث الى أقسام جزئية صغيرة أقدمها مستقلة بالتتابع ليسهل استيعابها.

مذهبان:

1 - مذهب من يرى أن خبر "لا" موجود فى الكلمة الطيبة.

2 - مذهب من يرى أن خبر "لا" غير موجود فى الكلمة الطيبة ويجب تقديره. واختلفوا فى تقديره كما سترى.

نبدأ بالمذهب الأول لقلة الكلام فيه لنتفرغ لأقوال المذهب الثاني.

1 - قال الزمخشري فى كشافه:"يجوز أن يكون "لا اله الا الله" جملة تامة من غير تقدير حذف الخبر, يعني "لا اله": مبتدأ. و"إلا الله" خبره.

الاعتراض:

كيف يكون المبتدأ نكرة, والخبر معرفة. هذا قلب للأوضاع.

الرد:

قال الزمخشري: أصل الكلام فى التقدير:"الله إله", فقدم الخبر دفعا لإنكار المنكر, فصار"إله الله" ثم أريد به نفي الآلهة وإثبات الله قطعا فدخل فى صدر الكلام من الجملة حرف"لا" وفى وسطها "إلا" ليحصل غرضهم فصار "لا اله الا الله".

قال علي القاري: ويقويه: ما قال بعض المحققين من أن النكرة إذا اعتمدت على النفي كانت بمنزلة المعرفة فيصح أن يكون مبتدأ و"إلا الله " خبره لأنه بمعنى "غير الله".

توضيح لكلام الزمخشري:

الزمخشري جمع فى كلامه التعليل النحوي والبلاغي معا:

أصل الكلام عنده "الله إله".فيكون الترتيب طبيعيا مبتدأ وخبر وقاعدة التنكير والتعريف معتبرة: تعريف المبتدأ وتنكير الخبر.

تذكروا أن الزمخشري أخذ بالمذهب الصحيح من أن "إله" بمعنى" معبود".فيكون أصل الكلام:

"الله معبود".

لكن المشركين لم ينكروا معنى هذه الجملة. فالله معبود. وغيره أيضا معبود معه. ولذلك سمى هذا شركا أي جمعا. وللرد عليهم كان لا بد من تخصيص الله بالعبادة. ومن وسائل التخصيص (أو القصر) فى العربية تقديم ما حقه التأخير. فقيل "معبود الله". (اله الله) وإمعانا فى تأكيد الاختصاص والحصر زيد فى الكلام وسيلة أخرى هي النفي ب"لا مع أداة الحصر"إلا".فنتج:"لا إله إلا الله".

(انتظروا معنا مبحث القصر والاختصاص فى الشق البلاغي من البحث ... إن شاء الله)

ذهب فخر الدين الرازي الى أن الخبر مستغنى عنه وأن تقديره بأي تقديركان يفسد المعنى. ودخول الفساد بالتقدير ناشيء عنده من كون:

" نفي الحقيقة مطلقة أعم من نفيها مقيدة فإنها إذا انتفت مطلقة كان ذلك دليلا على سلب الماهية مع القيد وإذا انتفت مقيدة بقيد مخصوص لم يلزم نفيها مع قيد آخر".

شرح كلامه لمن لم يألف العبارات المنطقية:

الحقيقة هي الماهية أي ما يقدره الذهن جوابا على سؤال "ماهو هذا الشيء". وهم يضبطونها بجنس وفصل: الجنس هو الذي يدل على أصل الماهية والفصل يحصلها ويميزها. فماهية الإنسان عندهم: حيوان ناطق. فالحيوانية أصل ماهية الإنسان, والنطقية ميزته عن بقية الحيوانات.

أما إطلاق الماهية أو تقييدها فمعناه اعتبارها بدون أمر أجنبي عنها أو اعتبارها مع ذلك الأمر الأجنبي. مثال:

الانسان: حيوان ناطق مطلق.

الانسان الطويل: حيوان ناطق مع قيد "طويل".

الآن إذا سلطنا النفي على الأول وقلنا: لا إنسان هنا. يكون النفي للماهية المطلقة.

لكن إذا سلطنا النفي على الثاني وقلنا: لا إنسان طويل هنا. يكون النفي للإنسان المقيد بالطول وحده. ولو كان قصيرا مثلا لم يشمله النفي ...

إذن نفي الماهية المطلقة أقوى من نفيها مقيدة.

إذا تبين الفرق عدنا الى "لا إله إلا الله":

إله: مطلق أي حقيقة الالوهية بدون شيء آخر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير