أخي الكريم قال صاحب اللسان في مادة (ت ر ك):"قيل التَّرْك متى عُلِّق بمفعول واحد يكون بمعنى الطرح والتخلية والدعة وإذا عُلِّق بمفعولين كان متضمّنًا معنى التصيير فيجري مجرى أفعال القلوب. ومنهُ (َتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ)،و سورة الصافَّات (وَتَرَكْنَا) قيل معناهُ أبقينا يعني أبقينا لهُ ذكرًا حسنًا".
فعلى التضمين يصح تعديته -كما ذكر رحمه الله- وأنت أعلم بأن التضمين بابه واسع للأفعال.
لكن معنى "ترك" هو ما يتوقف عليه الإعراب، فهي تكون من أفعال التحويل (التصيير) كجعل، وصير، واتخذ، وغيرها ...
ففي قوله تعالى:"وَتَرَكُوكَ قَائِمًا "، أجاز الدرويش - رحمه الله- الوجهين، أي أن تكون مفعولا به ثانيا، وأن تكون حالا من الضمير الكاف.
أما البيت ففي قولك باحتمال زيادة (لا) فلا، لأنه ليس بموضع الزيادة لها، كذلك بسببها علق الفعل الناسخ (ترك) عن العمل، فأنت تعلم حكم التعليق في الأفعال الناصبة للاثنين، فمن التعليق حروف النفي، والاستفهام وغيرها مما له حق الصدارة، فبذلك لا يجوز نصب (أبا) على أنه مفعول ثان لسببين، الأول: ليس الموضع موضع زيادة لا، والثاني: أن لا النافية تعلق الفعل الناسخ للاثنين فلا تنصب مفعوليه.
أما أن تكون الجملة برمتها (لا أبا ليا) في محل نصب مفعول به ثان على ما ذكرته انت - حفظك الله- فهو ما يحتمل.
وفي البيت الذي ذكرت يحتمل الاثنين إذا أخذنا بالمعنى الذي ذكره ابن منظور- رحمه الله-، وما ذكرته من انها تكون من أفعال القلوب، قسم التحويل (التصيير)، فهي تكون للتحويل إن أراد الشاعر أنه أغنى المخاطب بالمال، وجعله بعدما كان فقيرا معدما صاحب مالٍ، وتكون مفعولا ثانيا إذا تذكر الشاعر أنه ترك صاحبه كما كان قديما ذا مال، فهو يذكر أنه غني من دونه، لذلك أمره بفعل الخير، فكأنه ينهاه عن البخل لأنه غني، فيريد أن يذكره بفعل الخير لأنه غني، أما في الأولى فهو يريد أن يذكر فضله على المخاطب بأن جعله غنيا.
أما في تعبير (لا أبا ليا) فمن ظن أن الفتحة هنا فتحة ظاهرة نتج عنها ظهور الألف فلا يصح، لسببين:
1 - لأن العرب منهم من لزم الاسماء الستة الألف سواء أكانت منصوبة أو مرفوعة أو مجرورة (وهي لغة القصر).
2 - قد يلزم ذلك عنده إن جاءت منصوبة، لكن ماذا نفعل إن جاءت الأسماء الستة في غير موضع النصب كأن تجيء مجرورة وتلزم الألف؟ فما المانع من ظهور الكسرة على الباء وإشباع حركتها حتى تتولد ياء، كما أشبعت الفتحة عى الباء ونتجت عنها الألف؟ فماذا نقول عن قول الشاعر:
إنّ أباها، وأبا أباها **قد بلغا ......
هل نقول إن (أبا) الأولى منصوبة بفتحة ظاهرة، وأشبعت؟
فإذا سلمنا بذلك فماذا نقول بـ (أبا) الثالثة في البيت التي تعرب مضافا إليه مجرورا بالكسرة؟ هل نقول أن الكسرة أشبعت ونتج عنها ألفا؟
طبعا هذا لا يصح بأي حال من الأحوال، فلزمنا على ما سبق نقول أن الألف هي اللازمة للأسماء الستة على لغة بعض العرب، أسماها النحاة لغة القصر.
والله أعلم
وتحية مرة أخرى لك أخي الكريم مهاجر
ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 11 - 2006, 02:18 ص]ـ
وأهلا بك أبا تمام
ولكن، يا رعاك الله، من شروط الأسماء الخمسة، أن تكون مضافة، كما في البيت الذي ذكرته:
إن أباها وأبا أباها ................
فالأولى والثالثة مضافتان لهاء الغائب، والثانية مضافة لـ: "أباها".
فأين الإضافة في:
.......................... ******* ......... تاركي لا أبا لي؟
ـ[أبو تمام]ــــــــ[05 - 11 - 2006, 01:34 ص]ـ
أهلا بك أخي الكريم مهاجر مرة أخرى.
سوف أوضح لك أكثر.
لاحظ معي في البيت الذي استشهدت به (إن أباها وأبا أباها) أن الثالثة حقها أن تكون مجرورة بالياء لأنها مضاف إليه، لكن لزمها العربي الفصيح الألف، لماذا؟
لأنها كما أسلفنا لغتهم، وهي التي أسماها النحاة لغة القصر.
فبهذا دلّ على أن الأسماء الخمسة تلزم الألف في جميع أحوالها، فلذلك تعامل معاملة الاسم المقصور، بتقدير الحركات الثلاثة على آخر (أبا) كالعصا، والقفا.
¥