فإذا قلنا أن الألف نتجت عن الفتحة التي على الباء (لا أبَا ليا) لزم ذلك أن تظهر حركة الإعراب على ما قبل الحرف الذي نتج عن الإشباع، ثم تشبع هذه الحركة فينتج عنها حرف منساب لها، فالفتحة تشبع وينتج عنها الألف، والضمة ينتج عنها واو، والكسرة ينتج عنها ياء (ابن جني الخصائص 2/باب مضارعة الحروف للحركات، والحركات للحروف)، فأولا تظهر حركة الإعراب، ثم تشبع هذه الحركة، فالإعراب يكون على ما قبل حرف الإشباع، وحرف الإشباع لا يعتد بها.
إذا أخذنا بالإشباع في قوله (لا أبا ليا)، فماذا نفعل بقوله (وأبا أباها)؟ أليس حق الإشباع أن تظهر حركة الإعراب، ثم تشبع؟ فحق الباء في (أباها) حركة الكسرة لأنها مضاف إليه، ثم نشبعها حتى تتولد الياء، لا الألف، لأن الألف تنتج عن الفتحة، هذا ولم تظهر لنا كسرة أصلا على الباء في (أباها)، فالذي حصل أن هناك فتحة ناسبت الألف التي لزمت الأسماء الستة عند بعض العرب، فهو اسم مقصور لا غير.
ومثلها قولهم (مكرهٌ أخاك لا بطل) فحقها أن تقول (أخوك)، لكن لزمت الألف، ولم تظهر ضمة على الخاء نتجت عنها واو.
وقد ردّ الشيخ الجليل أبو البركات الأنباري -رحمه الله- في كتابه الإنصاف في مسائل الخلاف (باب الاختلاف في إعراب الأسماء الستة) على المازني - رحمه الله- لأنه ممن يرون ذلك، وكلامه فيه مجمل ما ذكرته.
أما قولك:
فأين الإضافة في:
.......................... ******* ......... تاركي لا أبا لي؟
فإذا اعتبرنا أن الأسماء الستة لازمة الألف هنا، وأتت على لغة القصر، وتعامل معاملة الاسم المقصور، فماذا تفيد الإضافة هنا؟ لأننا لن نعملها بالحروف - لاحظ معي- فالشاهد في بيت: (إن أباها وأبا أباها) فقط كلمة (أباها) الثالثة، فالأولى والثانية أعربت الأسماء بالحروف، أما الثالثة فبالحركات المقدرة على الألف مع أنها كاملة الشروط كما في الأولى والثانية، وحقها أن تكون (وأبا أبيها) بالياء لأنها مضاف إليه، فدل بذلك على لغة القصر، مع أن الشروط كاملة.
وهناك أكثر من إعراب لها نقتصر على ما ذكر، فيمكن الرجوع للنحو الوافي لعباس حسن- رحمه الله- 1/ المسألة رقم 8، والمسألة رقم 56 آخرها.
والله أعلم
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 11 - 2006, 01:46 ص]ـ
وأهلا بك أبا تمام مجددا، وشكرا على الإيضاح.
لا أختلف معك في شاهدك، فالشروط كاملة، ولكنها جاءت على لغة من يلزم الأسماء الخمسة: الألف، رفعا ونصبا وجرا، لا إشكال في ذلك
ولكن في شاهدي، كما قلت لك، لم تتحقق شروط الأسماء الخمسة، لاختلال شرط الإضافة لغير ياء المتكلم، فهو ليس من الأسماء الخمسة، أصلا، ليقال بأنه جاء على إحدى لغاتها، هذا ما قصدته أيها الكريم، وعذرا على الإلحاح، فهو من باب المدارسة مع فصيح مثلك.
ـ[أبو تمام]ــــــــ[05 - 11 - 2006, 02:27 ص]ـ
وأهلا بك أخي الكريم مهاجر، أتوقع أن ليلتنا طويلة:):).
اتضح لي ما أردت -بارك الله فيك-.
إن كان حقها أن تكون (لاأبَ) مبنية على الفتح، ثم أُشبعت (لا أبا) فهذه العبارة استعملها العرب في غير الشعر، فإن قلنا أن الإشباع يكون في الشعر للضرورة الشعرية من أجل استقامة الوزن، فما ورد في النثر وفي العبارات الأخرى لا يصح أن يحمل على الضرورة، قال أبو البركات - رحمه الله-:"وهذا القول فاسد (أي إشباع الحركات في الأسماء الخمسة) لأن إشباع الحركات إنما يكون في ضرورة الشعر كما أنشدوه من الأبيات، وأما في حال اختيار الكلام فلا يجوز ذلك إجماعا" الإنصاف 1/ 45.
فالمسألة تجاب باثنتين:
1 - لزم بعض العرب الأسماء الخمسة كثيرا الألف وخصوصا إن كانت كاملة الشروط وحقها أن تعرب بالحركات، فحملت كذلك على التي اختل بها شرط منها، وحقها أن تعرب بالحركات، وهذا شاهده: (لا أبا ليا).
2 - وقوع هذه العبارة كثيرا في كلامهم في غير الشعر، وهم بالاختيار، فلزموها الألف كذلك، والإشباع لا يكون في الاختيار إجماعا كما نص أبو البركات الأنباري - رحمه الله- فدل بذلك أن الإشباع لا يقع في النثر، فالأنسب أن تحمل (لا أبا لي) التي في النثر على لغة القصر، لا الإشباع لأنه لا يقع في النثر.
والله أعلم
ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 11 - 2006, 03:11 ص]ـ
وبذا تنتهي لييلتنا المنوطة بالتناد:):)
بارك الله فيك أيها الكريم، الآن اتضح الإشكال.
لييلتنا المنوطة بالتناد:
من قول شاعر الدنيا أبي الطيب يتعجب من طول ليلته:
أحاد أم سداس في أحاد ******* لييلتنا المنوطة بالتناد؟
فلسان حاله: ليت شعري أليلة واحدة هذه أم ست ليال اجتمعن في ليلة واحدة؟.