تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد عاملت العبرية الهاء معاملة أصوات المد، وصارت الهاء تكتب في آخر الكلمات العبرية ولا تنطق، وقد ذهب بعض الدارسين إلى جعل صوت الهاء ناتجًا من الانفتاح الشديد السعة، مما دعاه إلى إخراج صوت الهاء من الصوامت، وقد سمى (كانتينو) ما يصدر من هذه الطريقة الأصوات الهاوية كالهاء. (4) ومن هنا عاملت العبرية الأفعال المبدوءة بالهاء معاملة المثال.

وهناك من الدارسين المحدثين من صنّف صوت النون ضمن طائفة من الأصوات عرفت بـ "شبه الحركات". وهي الأصوات المائعة، وهي أصوات مجهورة كالحركات، ويتّسع معها مجرى الهواء كما يتّسع مع الحركات (5).

نخلص مما سبق إلى أننا سنتناول في هذا المبحث الفعل المبدوء بالهمزة (الألف)، والواو، والياء، والهاء، والنون، وهي أفعال دخلها الحذف لهذه الأصوات، والتعويض عنها أحيانًا طلبًا للخفة، وللتخلص من الثقل الذي أوجده تجاور الأصوات أحيانًا.

أولاً- الأفعال التي فاؤها واو أو ياء:

الفعل المعتل الفاء في العربية يكثر عليه أن يبدأ بالواو، مثل: وقف وزن. وضع. وجد، ويقل أن يبدأ بالياء نحو: يسر، يمن. في حين أن العبرية يبدأ فيها الفعل المثال بالياء نحو ??????: وثب،?????? ورث ????? وهب، ومن الواضح أن هذه الياء تقابل الواو العربية.

وتحرص اللغات المسماة بالسامية على وجود هذه الأفعال في صورتها الثلاثية. كما يقول موسكاتي:" وفي النحو السامي تتجمع مجموعات من الأفعال تحت مصطلح الأفعال الضعيفة (المعتلة). وتعد صيغها ممكنة التفسير على أساس الجذر الثلاثي الأصول، إما بتغييرات لفظية هي سمة الأصوات الساكنة ذوات العلاقة، أو بعملية القياس. لقد أظهرت أكثر الدراسات اللغوية تقدمًا أن هذه الأسس تكفي لتفسير عدد محدود من هذه الصيغ الفعلية فقط، أي: تلك التي تحتوي أصواتًا حلقية وحنجرية، وتلك التي تبتدئ بالياء "– y " . وفي المجموعات الباقية يمكن أن نتبين أننا إنما نعالج في الأغلب جذورًا تتألف من ساكنين، أما الأصل الثالث فقد نشأ ثانويًّا في عملية توحيد مع النظام الثلاثي الغالب" (6).

ويعزز ذلك ما نلاحظه من أن الواو أو الياء المتحركة هي مثل أي حرف صحيح، لا يدخله التغيير، ولدينا في العربية أفعال مبدوءة بالواو، وهي ذات علاقة كبرى بالأفعال الثلاثية الصحيحة، من ذلك: نشر ووشر، نصب ووصب، ونطأ ووطأ، ونخز ووخز، وغير ذلك من الأمثلة.

أما الفعل المضارع المعتل الفاء فقد اتفقت اللغتان العربية والعبرية على حذف الفاء منه، وفي العربية أمثلة غير يسيرة مكسورة العين، وحذف فيها حرف المثال نحو: يقف، يجد، يزِن، يعِد، يصِف، يرِد، يصل، يلِد. وقد حصر العلماء السبب الصوتي وراء هذا الحذف وهو وقوع الواو بين ياء وكسرة، فالفعل (يزن) أصله: (يَوْزِن) فحذفت الواو للثقل.

يؤكد هذا التعليل ابن يعيش بقوله: " إنما حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة في الفعل، والأصل فيه: "يَوْعِد"، وذلك أن الواو مستثقلة، وقد اكتنفه ثقيلان: الياء والكسرة، فلما اجتمع هذا الثقل وجب تخفيفه بحذف شيء من هذه الأشياء المستثقلة، فلم يجز حذف "الياء"؛ لأنها حرف المضارعة، وحذفها – بمعناها مع كراهية الابتداء بالواو، ولم يجز حذف "الكسرة"؛ لأنه يعرف بها وزن الكلمة، فلم يبق إلا حذف "الواو" وكان أبلغ في التخفيف، لكونها أثقل من "الياء" و"الكسرة" مع أنها ساكنة ضعيفة، فقوي سبب حذفها" (7).

ويبدو أن هذا التفسير الصوتي لدى علمائنا القدامى هو من إيحاء الكتابة العربية التي أهملت حركة الفتحة مع الياء، وكلاهما يمثل مقطعًا مستقلاًّ بعد الحذف، ولكن هذا المقطع في الأصل هو مقطع مغلق بسكون الواو هكذا (يَوْعِد - yaw c idu يَعد ya c idu) فالذي حدث صوتيًّا هو أن الصوت اللين المركب ( aw) اختصر إلى الفتحة القصيرة، وهي نفس المعاملة الصوتية للكلمات " حوض، قَوْل، بيت " وكان على علمائنا مراعاة وجود الفتحة كأثر صوتي في هذا التغير الصوتي للكلمة بدليل حين توجد الضمة مثلاً مع الياء لا يكون هذا الحذف، كما في الأفعال: يُولد، يُوزن، يُوجِد. وقد اقترب من هذا الفهم عمر ابن ثابت الثمانيني حين قال:" ثقل عليهم الخروج من ياء إلى واو بعدها كسرة، كما ثقل عليهم الخروج من كسر لازم إلى ضم لازم؛ فلأجل هذا أسقطوها فقالوا: "يَعِد" ويَزِن" و" يَرِد " و"يَجِد". ولما أسقطوها مع الياء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير