أسقطوها مع جميع حروف المضارعة، فقالوا: تَعِد " و"نَعِد" و"أعِد" وإنما أسقطوها في جميع حروف المضارعة؛ لأنها مساوية للياء في كونها حرف مضارعة، والعلة في إسقاطها هي وقوعه بين الياء والكسرة، يدلّك على ذلك أنها إذا زالت الكسرة بعدها صحت ولم تسقط ... ويضبط هذا كله قوله تعالى:? لم يَلد ولم يُولد? سقطت الواو من (يلد) لوقوعها بين ياء وكسرة، وثبتت في قوله تعالى (ولم يولد) لوقوعها بين ياء وفتحة (8).
كما حذفت فاء الفعل المثال في الأمر والمصدر، يقال:" عِدْ "، "عِدَة" و"زن" فالأمر على وزن " عِل" والمصدر على وزن "عِلة" بزيادة التاء عوضًا عن المحذوف، قال عنه سيبويه:"اطرد ذلك في المصدر وشبه بالفعل؛ إذ كان الفعل تذهب الواو معه، وإذ كانت المصادر تضارع الفعل كثيرًا ... فإذا لم تكن الهاء فلا حذف، لأنه ليس عوض ... فإن بنيت اسمًا من "وعد" على "فعلة " قلت: "وعدة"، وإن بنيت مصدرًا قلت: "عِدَة" (9).
أما في اللغة العبرية فيكثر فيها بدء الفعل المثال بـ "الياء" وتعامل هذه اللغة الأفعال المبدوءة بالياء معاملة العربية للفعل المثال المبدوء بالواو، فتحذف فاء المثال العبري – وهي الياء – في المستقبل والأمر، والمصدر، ويعوض عنه بالتاء أيضًا مع المصدر. وفي بعض الحالات تصح هذه الياء امتدادًا لكسرة حرف الاستقبال، كما في الفعل???? فالمستقبل منه ?????? طاب يطيب، ويبدو أنها هي الياء الأصلية في حين أن الياء التي تحذف هي المنقلبة عن واو في العربية، ومن أمثلة فاء المثال:
????? نزل ????? ينزل ??? انزل ????? نزوًلا فهذه الياء تتحول إلى واو في معظم التصاريف ???? أنزل ومثله ????? عُلم، أعلن من الماضي ?????? عرف، ومنه????? توراة من الفعل الماضي ?????.
ومن المعلوم أن اللغة العبرية خطت خطوة أخرى مع الفعل المثال الذي حذفت ياؤه في المستقبل، وهي الاستعاضة عن المحذوف بإطالة حركة الكسر مع حرف الاستقبال ليصبح صيريه بدلاً من حيريق قطان يقال ?????? جلس ?????? يجلس.
????? عَلمِ، عرف ????? يعلم، يعرف، ومن المعلوم أن الأمر في اللغتين من أي بنية هو تابع للمستقبل وجار مجراه، لذلك حذفت فاء المثال في الأمر تبعًا للفعل المستقبل، يقال:
???? ثب من ?????? ??????? وثب يثب ?? اعرف من ?? ??? ?? ??? عرف يعرف.
والعلة في كون الأمر تابعًا للمستقبل أنه مضارع له في معناه، وهذا يفسر لنا القاعدة النحوية العربية: يبنى الأمر على ما يجزم به مضارعه.
وكذلك المصدر في اللغتين تحذف منه فاء المثال، ويعوض عنها بتاء في آخره، يوضح ذلك ابن بارون بقوله: "وأما المصادر فاللغتان متجانستان في سقوط فاء الفعل من الأفعال التي فاؤها ياء عندنا، وواو عند العرب، وثبوت التاء آخرًا نحو??? و ??? و??? و??? و???? ونظائرها: ثقة، زنة، عدة، جدة. فإن هذه التاء تاء على الحقيقة، ويبدو ذلك عند اتصالها بالمبنيّات، وهذا مختص في العربية بهذه البنية من المصادر؛ لأنها قد جاءت عندهم أيضًا على بنية الوعد: الوزن" (10).
ويبدو لنا أن وراء حذف فاء المثال من المصدر هو التنافر الذي نجده في الازدواج الصوتي في بداية المصدر (و = wi) فالواو وحدها لا تمثل ثقلاً لوجودها مذكورة في الأفعال الماضية مع الفتحة نحو: وَجَد، وَزَن، وعَد.
ومن أجل الاطلاع على تفصيل أكثر حول الأصل الواوي في العربية والياء المبدلة عنها في العبرية أذكر خلاصة ما استنتجه موسكاتي وزملاؤه وهو: " حدث في السامية الشمالية الغربية تطور متميز هو قلب الواو ياء y ? w في أول الكلمة، (كما في الأكدية والعربية والأثيوبية: "ولد y ? w " بمعنى حمل، والأوغاريتية والعبرية والسريانية: يلد yld).. وبقيت الواو الأولى في حرف العطف، وفي أسماء قليلة، وقد تفسر بقايا الواو في النبطية (في حالات وجود الياء في اللغات الشاملة الغربية الأخرى) بالتأثير العربي" (11).
ويمكن تلخيص ما سبق في نقاط:
1 - تحذف فاء الفعل المثال، وهي الواو في صورة المضارع والأمر والمصدر اقتصادًا في الجهد العضلي، والتخلص من الثقل الذي تحدثه الكسرة الواردة في عين الفعل.
¥