تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المبحث الثاني: أقوال المضعفين له.

وقبل الشروع في ذلك، لابد من بيان الآتي:

1 - لم أجد أحدًا غمز عبد الرحمن بن أبي ليلى سوى رجلين: أحدهما معاصر له, وهو الإمام إبراهيم النخعي، والآخر تابعَ النخعي على كلامه فحسب. وهو الإمام العقيلي، وسيأتي ما في كلامهما.

2 - وقع من بعضهم الخلط بين ابن أبي ليلى الأب, وهو عبد الرحمن صاحب الترجمة, وبين ابن أبي ليلى الابن, وهو محمد بن عبد الرحمن القاضي الفقيه المشهور. ومن ثَم ذكر في ترجمة عبد الرحمن الأب ما قيل في ترجمة محمد الابن، ومحمد ضعيف سيئ الحفظ؛ فأوهم أن ذلك هو حال الأب (11).

والآن إلى كلام من ضعف عبد الرحمن:

1 - إبراهيم النخعي: فقد روى شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء أن رسول الله ? قنت في الصبح, وفي المغرب. فذكرت ذلك لإبراهيم (12). فقال: أهو كان صاحب عبد الله إنما كان صاحب أمراء. قال: وتركت القنوت فتكلم أهل مسجدنا في ذلك فعدت للقنوت. قال: فلقيني إبراهيم فقال: أما هذا فرجل قد غلب على صلاته.

وفي رواية عن عمرو بن مرة قال: حدثنا إبراهيم بحديث عن رجل. فقال: ذاك صاحب أمراء (13).

هكذا قال إبراهيم في عبد الرحمن ولم يتكلم فيه بغير ما سبق، ولا يخفى أن هذا ليس بقادح على التحقيق، فإن غير واحد من الأئمة تولى ولايات لبني أمية، فلم يصيروا مجروحين بمجرد ذلك، لذا قال الذهبي في ميزانه: ذكره العقيلي في كتابه متعلقًا بقول إبراهيم النخعي فيه: كان صاحب أمراء. وبمثل هذا لا يلين الثقة (14).

ثم إن عبد الرحمن كان معروفا بأنه علوي فمتى كان قريبًا من الأمراء، كيف وقد ضربه الحجاج، بل كيف وقد خرج عبد الرحمن فيمن خرج على بني أمية (15).

2 - العقيلي: ذكره في ضعفائه حيث أخرج القصة السابقة بإسناده (16). وليس لديه مستند في تضعيف عبد الرحمن إلا كلام النخعي، وتقدم ما فيه.


1 - الجرح والتعديل (5/ 301)، والتعديل والتجريح (2/ 882).
2 - ثقات ابن حبان (3/ 448)، مشاهير علماء الأمصار (1/ 164).
3 - الثقات للعجلي (2/ 86).
4 - المنتظم (2/ 297).
5 - تاريخ دمشق (36/ 76)
6 - تهذيب الأسماء (1/ 420).
7 - انظر الكاشف (1/ 641)، ميزان الاعتدال (2/ 584)، وتذكرة الحفاظ (1/ 85)، سير أعلام النبلاء (4/ 262).
8 0 تقريب التهذيب (1/ 461، 462).
9 - الوافي في الوفيات (1/ 2619).
10 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (1/ 81)
11 - وهذا ما فعله محقق تهذيب الكمال، حيث قال في هامشه -عند ترجمة عبد الرحمن بعد أن نقل ما تقدم من كلام العلماء في عدم سماعه من بعض من روى عنهم، وكلام العقيلي، وكلام مَن وثقه-: "وقال أحمد بن حنبل: ابن أبي ليلى كان سيئ الحفظ (العلل: 1/ 116). وقال أحمد أيضا: كان يحيى بن سعيد يشبه مطر الوراق بابن أبي ليلى - يعني في سوء الحفظ- (العلل: 1/ 134). وقال الترمذي: قال أحمد: لا يحتج بحديث ابن أبي ليلى (الترمذي: 2/ 199/حديث 364). وقال البزار: ليس بالحافظ (كشف الاستار: حديث 516). وقال الدارقطني: ردئ الحفظ كثير الوهم (السنن: 2/ 263) ".اهـ كلامه من هامش تهذيب الكمال (17/ 377). =
= ويبدو أن الأمر لم يكن مجرد سهو، بل تعداه إلى القناعة بأن عبد الرحمن سيئ الحفظ، فقد علق المحقق على حديث ذكره المزي في الكتاب نفسه، وهو حديث: دعا النبي ? لعلي بن أبي طالب أن يذهب الله عنه الحر والبرد، فكان لا يجد حرًا ولا بردًا". علق بقوله: أخرجه ابن ماجه، وفي سنده عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو سيئ الحفظ" اهـ. من هامش تهذيب الكمال (1/ 241).
وكل ذلك مجانب للصواب بلا ريب، وقبل بيانه أقول: كان على المحقق أولا: أن ينتبه إلى أنه لم ينقل أحد قبله كلام هؤلاء الأئمة في ترجمة عبد الرحمن، فلم يفعله المزي صاحب التهذيب الذي يعلق عليه المحقق، ولا الذهبي، ولا ابن حجر، وعادتهم أن ينقلوا كل ما قيل في الراوي، بل لم يفعله العقيلي نفسه الذي انفرد بتضعيفه. بل هذا الذي نقله المحقق من كلام أحمد قد ذكره المزي في التهذيب في ترجمة ابن أبي ليلى الابن، وهو محمد. وقد وقف عليه المحقق هناك بلا شك، والغريب أن عبارة أحمد قد ذكرها المحقق في هامشه في ترجمة محمد المذكور، وعزاها إلى العلل، وذكرها كذلك في ترجمة عبد الرحمن. فهل صار الكلام في الابن يتعدى إلى الأب بجامع الاشتراك في النسبة؟!. والله المستعان.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير