فكل واحد من هذه الأنواع السابقة لم يسلم من الانقطاع، فلهذا لا يكون حديثًا متصلًا، قد تقدم لنا أن الاتصال، أو اتصال السند شرط من شروط صحة الحديث أو حسنه لذاته، وأنه لا يتم الحكم بذلك إلا بعد أن يكون رجال الإسناد كلهم واحدا أخذ عمن فوقه بإحدى طرق التحمل الصحيحة، فإذا لم يتحقق هذا كان الإسناد منقطعًا وليس بمتصل.
والمتصل هذا -كما سبق- متعلق بالإسناد، وليس له تعلق بالمتن، على معنى أن الاتصال من خصائص الإسناد.
ولهذا يصلح أن تقول: هذا حديث متصل، وهو مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويصلح أن تطلق المتصل على الموقوف على الصحابي، ويصلح أن تطلقه على الموقوف على التابعي.
فإذا جاءنا إسناد متصل عن الزهري، لكنه منقطع بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتقول: هذا إسناده متصل إلى الزهري، أو هذا أو جاءنا شيء من كلام موقوف على الزهري من كلامه -رضي الله عنه-، فيصح أن تقول: هذا موقوف متصل، كما أنه يصح أن نقول: موقوف، أو متصل مرفوع.
فالمقصود من هذا أن الاتصال ليس متعلقًا، لا بالرفع ولا بالوقف؛ بل الحديث المرفوع يكون متصلًا، ويكون منقطعًا.
وكذلك الموقوف، سواء على التابعي أو على الصحابي، يكون متصلًا، ويكون منقطعًا أو مرسلًا، فصار الاتصال هذا من خصائص الإسناد.
ثم إذا نظرنا إلى الاتصال -مع ما تقدم من المباحث السابقة، أو الأنواع السابقة لعلوم الحديث- فأحيانًا يكون الحديث متصلًا صحيحًا، لاستيفائه جميع شروط الصحة، وأحيانًا يكون متصلًا حسنًا، بمعنى أنه استوفى شروط الصحة، إلا ضبط الرجال؛ فإن ضبطهم يكون قد خف.
وأحيانًا يكون متصلًا، ولكنه ضعيف، ليس ضعيفًا من جهة الاتصال، يعني: منقطع، ولكنه ضعيف من جهة أخرى، إما أن يكون لضعف الراوي، أو للشذوذ، أو العلة، أو نحو ذلك، فيكون متصلًا ضعيفًا، ويكون متصلًا -أيضًا- مطروحًا؛ لكون أحد رجاله فيه ضعف ضعفًا شديدًا. وقد يكون متصلًا -أيضًا- وهو موضوع، مكذوب على النبي -صلى الله عليه وسلم.
وأما الإرسال والإعضال والانقطاع، فلا تجتمع مع الاتصال، فصارت من الأنواع السابقة يجتمع مع الاتصال، قد يجتمع معه أحد خمسة أشياء.
وأما الإرسال والانقطاع والإعضال، فهذه لا تجتمع مع الاتصال لمنافاتها الاتصال، فلا يقال هذا حديث متصل مرسل، ولا حديث متصل منقطع، ولا حديث متصل معضل، لا يقال هذا؛ لكن يقال: متصل صحيح: متصل حسن، متصل ضعيف، متصل ضعيف جدًا، متصل موضوع.
وهذا الاتصال في الحديث تارة يؤخذ من أحكام الأئمة على الأحاديث، فإذا حكموا على حديث بأنه -مثلًا- صحيح، فإن هذا يستفاد منه أن الإسناد متصل، وإذا حكموا على حديث بأنه حسن لذاته استفدنا من هذا الحكم اتصال الإسناد، وأن كل راوٍ من هؤلاء الرواة الموجودين في الإسناد قد تحمل عمن فوقه بإحدى طرق التحمل الصحيحة.
وتارة ينص العلماء على أن فلانًا سمع من فلان، وهذا يفيدنا في باب الاتصال.
وتارة نجد هذا الحديث في مصنف اشترط صاحبه الصحة، ووفق على ذلك كالشيخين، إذا وجدنا حديثًا في البخاري أو في مسلم، هذا نحكم له باتصال السند مباشرة؛ لأن من لازمه تصحيح الحديث أن يكون قبل ذلك إسناده متصلًا، أن يكون إسناده متصلًا، فهذا ما يتعلق بالمتصل. نعم.
والله أعلم
ـ[أبو مسلم الفلسطيني]ــــــــ[22 - 10 - 09, 11:22 ص]ـ
والسند إن كان متصلا فهو: ما اتصل سنده بذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقيل: يدخل في المسند كل ما ذكر فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن كان في أثناء سنده انقطاع.
والله أعلم
ـ[أبو معاوية غالب]ــــــــ[24 - 10 - 09, 08:33 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ما رأيك فيمن يريد أن يحكم على سند فبعد أن يتأكد من عدالة الرجال وضبطهم يعتمد على كون الإسناد متصلا بما يجده في كتب الرجال فلان روى عنه فلان وروى عن فلان فيفهم من ذلك الاتصال يقول لو كان بين هذين الرجلين انقطاع لذكره المصنف ما دام أنه اقتصر على قوله روى عنه فلان وروى عنه فلان ولم يقل لم يسمع منه فالظاهر الاتصال بينهما.
فيعتمد على ذلك ويكتفي به لصعوبة التحقق من الاتصال بالرجوع إلى التاريخ والترجمة الموسعة لكل شخص أظن هذا ما يقع فيه بعض من يخرج الأحاديث.
فما الرأي هل هذا صواب أم لا؟
ـ[إبراهيم محمد زين سمي الطهوني]ــــــــ[24 - 10 - 09, 12:40 م]ـ
جزاك الله خيرا
ما رأيك فيمن يريد أن يحكم على سند فبعد أن يتأكد من عدالة الرجال وضبطهم يعتمد على كون الإسناد متصلا بما يجده في كتب الرجال فلان روى عنه فلان وروى عن فلان فيفهم من ذلك الاتصال يقول لو كان بين هذين الرجلين انقطاع لذكره المصنف ما دام أنه اقتصر على قوله روى عنه فلان وروى عنه فلان ولم يقل لم يسمع منه فالظاهر الاتصال بينهما.
فيعتمد على ذلك ويكتفي به لصعوبة التحقق من الاتصال بالرجوع إلى التاريخ والترجمة الموسعة لكل شخص أظن هذا ما يقع فيه بعض من يخرج الأحاديث.
فما الرأي هل هذا صواب أم لا؟
أخي الحبيب .... عندي سؤال: هل إذا قال أحد المشايخ أو الباحثين أو الطلبة: هذا حديث إسناده صحيح. يلزمنا الاحتجاج والعمل بالحديث؟
فإن كان الجواب: لا. وكلنا عرفنا الفرق بين هذا حديث صحيح، وبين هذا حديث إسناده صحيح. فما المشكلة في قول أحدهم في السند الظاهر اتصاله أن يقول كذلك؟
إلا إذا وجدت علة واضحة تدل على الانقطاع وعدم الاتصال فعلينا أن نأخذ بها. وقول الإمام مسلم في شرط الاتصال أنه يكتفي بالمعاصرة وإمكان اللقاء وعدم التدليس فهو معقول. وقول الإمام البخاري هو الأوثق في تحقيق الاتصال. والله أعلم
¥