ـ[إبراهيم محمد زين سمي الطهوني]ــــــــ[24 - 10 - 09, 05:28 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا فارس
فعلا، إذا تأملنا القصة وسياق الحديث، لعرفنا أن ابن عمر نهى ذلك مطلقا، ولم يستفد منها ما يدل على الوصية بالبكاء أو لا.
وأرجع مرة أخرى، لعلي أجد الجواب الشافي.
ـ[أبو مسلم الفلسطيني]ــــــــ[25 - 10 - 09, 09:36 ص]ـ
الجواب عن ماذا أخي الكريم ابراهيم؟؟
ـ[إبراهيم محمد زين سمي الطهوني]ــــــــ[25 - 10 - 09, 01:25 م]ـ
أخي الحبيب ... أبا مسلم
قد عرفنا ما قام العلماء بالتوفيق بين حديث ابن عمر وحديث عائشة رضي الله عنهم، ولكن إذا نظرنا إلى سياق الحديث فإنه يبعد هذا القول.
فإذا كان عندك أجوبة ونقول مفيدة، فأرجو ألا تبخل بما لديك من علم.
ـ[أبو فارس المصباحي]ــــــــ[26 - 10 - 09, 03:45 ص]ـ
لم أتنبه إلى ما ورد في الأثر المروي عن السيدة عائشة رضي الله عنه:
وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ) وَقَالَتْ: حَسْبُكُمْ الْقُرْآنُ (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ..
هل تتفق الآية مع تعذيب (الكافر) ببكاء غيره؟!
***********************************
أخي الحبيب ... أبا مسلم
قد عرفنا ما قام العلماء بالتوفيق بين حديث ابن عمر وحديث عائشة رضي الله عنهم، ولكن إذا نظرنا إلى سياق الحديث فإنه يبعد هذا القول.
فإذا كان عندك أجوبة ونقول مفيدة، فأرجو ألا تبخل بما لديك من علم.
وجدت هذا القول في أحد المنتديات:
أن يكون المقصود بـ (التعذيب) في الحديث، العذاب بمعناه اللغوي، وهو مطلق الألم، وليس العذاب الأخروي؛ فيكون تعذيب الميت على هذا التوجيه معناه: تألمه بما يكون من أهله من نياحة وعويل، وتألمه كذلك لعدم التزامهم شرع الله؛ وإلى هذا القول ذهب الطبري، ورجحه القاضي عياض، واختاره ابن تيمية؛ واستدلوا له بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (فوالذي نفس محمد بيده، إن أحدكم ليبكي، فيستعبر إليه صويحبه، فيا عباد الله! لا تعذبوا موتاكم) رواه ابن أبي شيبة و الطبراني، وقال ابن حجر: حسن الإسناد، و (الاستعبار) هو دمع العين؛ فالإنسان إذا مات، فبكى عليه أهله وأصحابه، فإنه يشعر ببكائهم، فيتألم لألمهم، فيكون ذلك عذابًا له.
********************
ـ[إبراهيم محمد زين سمي الطهوني]ــــــــ[26 - 10 - 09, 03:21 م]ـ
بارك الله فيك أبا فارس
وهناك وجه آخر رجحه البخاري حين بوّب لهذا الحديث بقوله: (باب قول النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكاء أهل أهله عليه، إذا كان النوح من سنته)، فأشار بقوله هذا إلى أن الميت يعذب فعلا ببعض بكاء أهله عليه، وهو النياحة، إذا كانت في موتاهم سنة عرفها الميت، ولم يكن ينهاها في حياته. فيكون بذلك من باب تقريره على هذا الفعل الحرام.
وقد جاء الحديث في البخاري (توفيت ابنة لعثمان رضي الله عنه بمكة، وجئنا لنشهدها، وحضرها ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، وإني لجالس بينهما، أو قال: جلست إلى أحدهما، ثم جاء الآخر فجلس إلى جنبي، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، لعمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه. فقال ابن عباس رضي الله عنهما: قد كان عمر رضي الله عنه يقول بعض ذلك، ثم حدث قال: صدرت مع عمر رضي الله عنه من مكة، حتى إذا كنا بالبيداء، إذا هو بركب تحت ظل سمرة، فقال: أذهب فانظر من هؤلاء الركب؟ قال: فنظرت، فإذا صهيب، فأخبرته، فقال: ادعه لي، فرجعت إلى صهيب فقلت: أرتحل، فالحق أمير المؤمنين، فلما أصيب عمر، دخل صهيب يبكي، يقول: وا أخاه، وا صاحباه، فقال عمر رضي الله عنه: يا صهيب، أتبكي علي، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فلما مات عمر رضي الله عنه، ذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها، فقالت: رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه. وقالت حسبكم القرآن: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}. قال ابن عباس رضي الله عنهما عند ذلك: والله هو أضحك وأبكى.)
فنص الحديث يثبت بكاء أهل الميت، ولم يكن أحد منهم نهى ذلك، فنبه ابن عمر عثمان إلى حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يكون ذلك من سنة أهل الميت، فيعذَّبون بسبب ذلك.
أما عائشة رضي الله عنها حين وصل الخبر إليه فقد أنكر على ابن عمر وعمر بن الخطاب صحة ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظنت أنه يعارض ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو: (إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه). واستدلت على ما ذهبت إليه بقول الله تعالى: (ولا تزر وازة وزر أخرى). فكأنها ممن ذهب إلى ظاهر هذا النص ونص آخر وهو (وأن للإنسان إلا ما سعى). فالتعذيب عندها إنما يكون عن ذنب باشره الإنسان لا غيره. وقد وصل إنكار عائشة رضي الله عنها إلى ابن عمر، ولكنه سكت، وسكوته لا يدل على إقراره لأم المؤمنين، بل لعله استجاز تأويلها أو لعله لا يريد مناظرتها لمكانتها. وقد جاء في فتح الباري: (وإنما أراد المصنف -أي البخاري- بهذا الحديث الرد على من يقول: إن الإنسان لا يعذب إلا بذنب باشره بقوله أو فعله، فأراد أن يبين أنه قد يعذب بفعل غيره، إذا كان له فيه تسبب).
ولعل ابن عمر ممن ذهب إلى ظاهر الحديث، ولم ير معارضة حديثه بحديث عائشة رضي الله عنها. لأن حديثها في زيادة عذاب الكافر، وحديثه في عذاب المسلم، وبينهما فرق واضح. والله أعلم بالصواب
¥