ومثله ما رواه البخاري (51) عن أنس (رضي الله عنه)، قال: ((خطَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) خطوطاً فقال: هذا الأمل، وهذا أجله، فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب))، وفي رواية البيهقي (52): ((أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) خطَّ خطوطاً، وخطَّ خطاً ناحية، ثم قال: هل تدرون ما هذا؟ هذا مثل ابن آدم ومثل المتمني، وذلك الخط الأمل، بينما يأمل إذ جاءه الموت))
وقريباً من الخطوط هناك وسائل أخرى استخدمها النبي (صلى الله عليه وسلم) لإثارة الانتباه، مثل غرسه (صلى الله عليه وسلم) لعود ثم تعليقه عليه، فقد روى الرَّامهرمزي عن أبي سعيد الخدري: ((أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) غرس عوداً بين يديه،وآخر إلى جانبه، وآخر بعده وقال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا الإنسان، وهذا الأجل يتعاطى الأمل فيختلجه الأجل دون الأمل))
فهذه الأمثلة توضح بجلاء أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يستخدم الخطوط، وما يتنزل منزلتها لإثارة الحاضرين وتشويقهم، فضلاً عن تقريب الصورة لهم، وقد حصل المرغوب من هذه الأساليب إذ إنَّ الصحابة قد نقلوا لنا طبيعة الخطوط، وكيف كان يرسمها النبي (صلى الله عليه وسلم)؟ وماذا تكلّم بعد رسمها؟.
وبعد: فهذه أساليب ووسائل في التشويق وإثارة الانتباه استخرجتها من بطون الكتب الحديثية، تبين لنا بجلاء سبق الإسلام في هذا المجال، كما تبين حرص النبي (صلى الله عليه وسلم) على سلوك كثير من السبل لإيصال المعلومة للصحابة (رضوان الله عليهم)، واكتساب اهتمامهم لما سيطرح ويقال، كما تظهر هذه الدراسة وفرة المادة العلمية في كثير من المجالات في الدراسات الإنسانية، وبخاصة في الدراسات التربوية والنفسية والاجتماعية، وقد سبق لي أن كتبت مقالاً عن مرجعية السنة النبوية في التربية والتعليم، وما جاء في هذه الدراسة يؤكد ذلك ويعززه.
ـــ
(1) رواه مسلم في صحيحه: 1/ 37 رقم (7)، وأبو داود في السنن: 4/ 223 رقم (4695)، والتِّرمذي في الجامع: 5/ 6 رقم
(2610)، والنّسائي في السنن الكبرى:6/ 528 رقم (11720)، وفي المجتبى: 8/ 97، وابن ماجه في السنن: 1/ 24 رقم
(63)، وأحمد في المسند: 1/ 435 - 436 رقم (367)، وابن خزيمة في صحيحه: 4/ 127 رقم (2504)، وابن حبان في
صحيحه:1/ 390 رقم (168) وغيرهم.
(2) الخالدي:صلاح الدين (1418) روايات حديث جبريل، مجلة الحكمة - لندن،عدد13، ص249 - 311.
(3) رواه مسلم في صحيحه: 2/ 728 رقم (1052)، والنسائي في السنن الكبرى: 2/ 48، وفي المجتبى: 5/ 90، وأحمد في المسند: 3/ 91 وأبو نعيم في المسند المستخرج على صحيح مسلم: 3/ 116،والبيهقي في السنن الكبرى: 2/ 198، وشعب الإيمان: 7/ 275.
(4) رواه البخاري في صحيحه:1/ 178 رقم (455)، وابن أبي شيبة في المصنف: 6/ 401، واللفظ له.
(5) 4/ 2262 رقم (2942).
(6) هذا جزء من حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبدالله الثقفي، دون هذه الزيادة. وهذه الزيادة بهذا اللفظ رواها النسائي في السنن الكبرى: 6/ 458 رقم (11489)، ورواها الترمذي في الجامع: 4/ 607 رقم (2410) بلفظ آخر، وانظر للمقارنة: الدارمي في السنن: 2/ 386، والحاكم في المستدرك: 4/ 349، والطيالسي في المسند: 171 رقم (1231).
(7) أخرجه البخاري في صحيحه: 1/ 44 رقم (85)، وأحمد في المسند: 2/ 288، 2/ 524.
(8) أخرجه البخاري في صحيحه: 3/ 1221 رقم (2168)، و6/ 2609 رقم (6716)، ومسلم في صحيحه: 4/ 2207 رقم
(2880) والترمذي في الجامع: 4/ 480 رقم (2187)، والنسائي في السنن الكبرى: 6/ 291 رقم (11311)
(9) أخرجه البخاري في صحيحه:5/ 2032 رقم (4998)، وفي الأدب المفرد: 60، والترمذي في الجامع: 4/ 321 رقم (1918)، وأبو داود في السنن: 4/ 338 رقم (5150)، والبيهقي في السنن الكبرى: 6/ 283.
(10) انظر: فتح الباري: 10/ 436.
(11) الصحيح:2/ 939 رقم (2511)،و 5/ 2314 رقم (5918)، وأخرجه كذلك مسلم في: لصحيح: 1/ 91 رقم (87)
و الترمذي في الجامع: 4/ 312 رقم (1911).
(12) فتح الباري:5/ 311.
¥