2 - انه لم يعلم متى رأى اليهود تصوم عاشوراء، فمرة تقول الرواية انه رأى ذلك لما قدم المدينة كما في حديث عبدالله بن عباس السابق، ومرة اخرى تقول انه رأى اليهود تصوم عاشوراء يوم خيبر ويتخذونه عيداً كما في حديث ابو موسى الاشعري المذكور.
3 - انه امر بمخالفة اليهود والنصارى، فكيف به في صيام عاشوراء يستن بسننهم؟ واذا قيل ان هذه السنة اخذها اليهود من نبي الله موسى على نبينا وآله السلام، اقول كان اولى ان يعلم النبي سنن من قبله من الانبياء بعلم من الله تعالى لا من قوم حرفوا دينهم والتوارة التي انزلها الله لهم، وقتلوا انبياء الله الذين ارسلوا اليهم، فكيف يمكن الوثوق بهؤلاء والاخذ عنهم بسنن الانبياء.
ثالثا: لماذا لم يقوم النبي بصيام التاسع والعاشر لمخالفة اليهود في صيام عاشوراء كما جاء في بعض الروايات؟
12 - فعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: قال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع).
وفي رواية قال: " حين صام رسول اللَّه يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول اللَّه إنه يوم تعظّمه اليهود والنصارى؟ فقال رسول اللَّه: فإذا كان العام القابل - إن شاء اللَّه - صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول اللَّه ".
أخرجه مسلم (1134)، وأبو داود (2/ 327) (ح2445)، وأحمد (1/ 236)، وابن أبي شيبة (2/ 314)، (ح9381)، والطحاوي (2/ 78)، والطبراني (11/ 16)، (ح10891)، والبيهقي (4/ 287).
13 - وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أيضاً، قال: قال رسول اللَّه: " صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا فيه اليهود، صوموا قبله يوماً، أو بعده يوماً ".
أخرجه أحمد (1/ 241)، وابن خزيمة (2095)، والبيهقي (4/ 287)، وابن عدي في " الكامل " (3/ 956)، من طريق هشيم بن بشير.
وأخرجه البزار (1052 - كشف الأستار) من طريق عيسى بن المختار، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2/ 78)، من طريق عمران بن أبي ليلى، والحميدي (1/ 227) (ح485)، وعنه البيهقي (4/ 287) من طريق سفيان بن عيينة.
وهذه الروايات لا يمكن الاخذ بها لأسباب:
1 - ان الاحاديث تقول انه كان يصومه مع قريش في الجاهلية، فهو بذلك لم يتشبه باليهود بل سار على ما سار عليه العرب من قبله، واذا كان توافق صيام العرب في الجاهلية مع صيام اليهود فهذا لا يدعو بالضرورة الى مخالفتهم كونهم اشتركوا مع المسلمين في شيء ما والا فما اكثر ما يشترك البشر في الكثير من الاشياء كالمأكل والملبس.
2 - انه اخذ اصل السنة من اليهود، ثم يأمر بمخالفتهم في فروع استحدثت في تلك السنة، والاولى عليه ان يخالفهم في الاصول، بل الاولى ان لا يأخذ منهم كونه يأمر بمخالفتهم.
3 - ان هذه الروايات تتعارض مع روايات اخرى تؤكد على انه رأى اليهود يصومون عاشوراء عند قدومه الى المدينة، وأمر بصيام وذلك في السنة الاولى للهجرة، وقد عاش احد عشر عام بعد الهجرة فلماذا لم يصم التاسع والعاشر (او لماذا لم يصم يوم قبل او بعد عاشوراء) طيلة عشر سنوات تلك.
رابعاً: ان الروايات تفيد ان النبي ترك صوم عاشوراء بعد ان فرض الله صوم رمضان في السنة الثانية للهجرة.
14 - فعن جابر بن سمرة رضي اللَّه عنه قال: " كان رسول اللَّه يأمر بصيام يوم عاشوراء، ويحثنا عليه، ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا، ولم يتعاهدنا عنده ".
أخرجه مسلم (1128)، والطيالسي (1/ 106) (ح784)، وأحمد (5/ 96، 105)، وابن خزيمة (208)، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2/ 74)، والطبراني (1869)، والبيهقي (4/ 265).
15 - وعن قيس بن سعد بن عبادة رضي اللَّه عنه قال: " أمرنا النبي أن نصوم عاشوراء قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان، لم يأمرنا ولم ينهنا، ونحن نفعله ".
أخرجه النسائي في " الكبرى " (2/ 158) (ح2841)، وأحمد (3/ 421)، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2/ 74).
ومن الثابت ان صيام شهر رمضان فرض في السنة الثانية من الهجرة. وبحسب ما يفيد البعض ممن يحاول رفع اشكال رؤية النبي اليهود يصومون عاشوراء، بقوله انه لم يرهم وقت قدومه الى المدينة، ولكن ذلك حدث في محرم الذي بعد الهجرة. وبافتراض ان العام الهجري يبدأ كما هو الحال عليه الان في شهر محرم، وفرض الصيام تم في السنة الثانية، يقتضي الامر بانه لم يأتي محرم العام الثالث للهجرة الا والنبي ترك صيام عاشوراء، اي انه لم يصم عاشوراء قط، ففي العام الاول للهجرة لم يكن قد وصل المدينة بعد، وفي العام الثاني لم يعلم به الا حين رأى اليهود ولكنه لم يوفق لصيامه، وفي السنة الثالثة يكون ترك صيام عاشوراء بعد ان فرض صيام رمضان.
وبافتراض ان العام الهجري يبدأ من حيث وقت الهجرة النبوية الشريفة الفعلي في شهر ربيع الاول، عليه يكون النبي لم يعلم بصيام عاشوراء الا في محرم (اي بعد عشرة اشهر خلت من الهجرة)، وفي العام الثاني فرض صيام رمضان اي انه لم يأتي محرم العام الثاني الا وقد ترك النبي صيام عاشوراء، اي انه لم يصمه قط.
على ضوء ما سبق ما هي شرعية صيام عاشوراء؟ وما هي اسباب الحث على صيامه؟!
اضف هذا الموضوع الى:
¥