تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تباعد البلدان عند مسلم رحمه الله]

ـ[أبو علي المالكي]ــــــــ[12 - 09 - 10, 01:27 ص]ـ

قرينة تباعد البلدان وإدخال الوسائط عند مسلم رحمه الله:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فصل:

اختلف العلماء في تحديد مذهب مسلم رحمه الله في مسألة تباعد البلدان هل هي قرينة مبعدة لاحتمال السماع عنده أم لا؟

ومقصود هذا الفصل هو دراسة ذلك، وسأفرد فصلا آخر أناقش فيه لم راع مسلم قرينة إدخال الوسائط.

فأقول بداية وبالله التوفيق: قسم بعض الباحثين ممن رد على الشيخ حاتم أنواع العنعنات إلى أقسام: قسم صاحبته قرائن مقوية للسماع واللقاء، وقسم صاحبته قرائن مقوية لعدم اللقاء والسماع، وقسم خال عن أي نوع من القرينتين، والمقصود بالقرائن هنا ما زاد على انتفاء التدليس واستعمال الصيغة المحتملة للسماع، وتبقى صورة خلو العنعنة عن كلا القرينتين فيما بلغنا، وأيا كان فإن هذا التقسيم يبدو مسلما من طرف الشيخ حاتم، كما يتجلى من خلال كلامه حيث شرح أن مسلما يحكم باتصال صورتين ولا يحكم باتصال الثالثة [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn1)، وذلك عند وجود قرائن مبعدة لاحتمال السماع، لكنه تناقض حين ألزم ابن رشيد والدكتور الدريس لميلهما إلى القول بأن البخاري قد يحكم باتصال الصورة الأولى (أعني حين تقوى القرائن)، بقوله: "ومن أين لهم أن مسلما لم يكن مراعيا لتلك القرائن؟ حتى يجعلونه مخالفا للبخاري".

فوجه المخالفة ظاهر إذ أن البخاري لا يحكم باتصال الصورة الثانية: (حين تخلو العنعنة عن القرائن المبعدة للسماع ولا تكون هناك قرائن مقوية له)، بينما القرائن المقوية للسماع هي شرط كمال عند مسلم لا شرط صحة.

كما أنبه إلى أن الشيخ إبراهيم اللاحم نفى أن يكون مذهب مسلم إعمال قرائن السماع أو نفيه، ثم كأنه تراجع فقال في كتابه الاتصال والانقطاع ص 152: "ومن ذلك أن بعض الباحثين وهو يذهب أيضا إلى أن الجمهور يشترط العلم بالسماع ذكر قول أبي زرعة:" عكرمة عن علي مرسل"، في معرض سرده لنصوص الأئمة الدالة على الاشتراط، وهذا النص لا يصلح لذلك، فإن عكرمة كان سنه نحو 15 عاما حين قتل علي، وكان علي بالكوفة وعكرمة بالبصرة، ثم بالمدينة، فمثل هذا خارج محل النزاع، وروايته مرسلة على جميع الآراء، إذ الإمكان الحديثي الذي ذكره مسلم غير موجود فيها".

فإن كان مقصود الشيخ أن الإمكان الحديثي يتنافى عند مسلم مع تباعد البلدان، فهذا تناقض مع أول كلامه (نفيه لكون مسلم لا يعمل قرائن السماع أو نفيه)، ويضيق الخلاف بينه وبين الشيخ حاتم.

فصل:

الذي ينصره الشيخ حاتم في كتابه " إجماع المحدثين ": أن مسلما يراعي قرينة اتحاد البلد إضافة إلى المعاصرة ويعتبر غيابها مبعدا لاحتمال السماع فلا تكفي مجرد المعاصرة، وهو ما ذهب إليه العلائي والصنعاني و يبدو أنه رأي ابن القيم كذلك كما نقل ذلك السخاوي عنه في الجواهر والدرر ص 57.

ولقد استدل الشيخ حاتم في كتابه بأدلة منها:

الأول: نصين لمسلم في مقدمة صحيحه هما في رأي الشيخ دليل صريح على اعتبار أمر زائد على مجرد المعاصرة، قال الشيخ: الأول: صريح كلامه وذلك في قوله بعد ذكره (الدلالة البينة): " أما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا، فالرواية على السماع أبدا حتى تأتي الدلالة التي بينا".

فتأمل قوله (الأمر مبهم)، وما تدل عليه من أن الحكم بالاتصال بين المتعاصرين إنما يقول به مسلم عندما لا تكون هناك مرجحات وقرائن تميل بكفة المسألة إلى عدم السماع، إذ لو كانت تلك المرجحات والقرائن لم توصف المسألة بأن الأمر فيها مبهم [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn2).

أما النص الثاني الذي يصب في المصب ذاته في رأي الشيخ هو قول مسلم: " أن كل إسناد لحديث فيه فلان عن فلان وقد أحاط العلم بأنهما قد كانا في عصر واحد، وجائز أن يكون الحديث الذي روى الراوي عمن روى عنه قد سمعه منه وشافهه به".

قال الشيخ:" فتنبه إلى أنه ذكر المعاصرة ثم أضاف شرطا آخر، وهو جواز السماع وإمكانه، وهو يعني: عدم وجود قرائن تبعد احتمال اللقاء".

مع العلم بأن معنى القرائن المبعدة لاحتمال اللقاء في كلام الشيخ هي إدخال وسائط بين الراويين، أو تباعد البلدان، أو نكارة المتن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير