تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المنطلقات الفكرية والعقدية لدى الحداثيين للطعن في الصحيحين]

ـ[أنس سليمان النابلسي]ــــــــ[21 - 10 - 10, 12:50 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

المنطلقات الفكرية والعقدية عند الحداثيين

للطعن في الصحيحين

إعداد: الدكتور أنس سليمان المصري النابلسي

1431هـ - 2010م

مقدمة:

الحمد لله الواحد القهار، مثبت القلوب والعقول والأفكار، وعلى نبي الرحمة الصادق المختار، أفضل صلوات ربي العزيز الغفار، وعلى الصحابة الأفاضل الأخيار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم القرار، أما بعد:

فقد كانت القراءة منذ اللحظة الأولى من عصر الرسالة لهي المورد الرئيس للطاقات الفكرية للأمة الإسلامية، وطالما ظل العلماء يقرؤون ويحفظون ويجتهدون، وينتقدون، ويحللون ويراجعون، حتى أتى عصر التدوين للسنة النبوية، وبزغ نجم الصحيحين، فكانا لبنة راسخة في حصن الإسلام الحصين، والسور المتين لحفظ أحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم-، ومذ ذاك تأسست أجواء الفهم والتحليل لنصوصهما، والدراسة والنقد لأسانيدهما؛ فاستُنطقت النصوص، وحُللت الإشارات، وحُرست المدلولات، فهماً وتأويلاً، بضبط علاقات الألفاظ بالمعاني، وتقنين دلائل المنطوق على المضمون، تفادياً لكل تأويل مجازف، أو استنباط مخالف، وصيانة لنصوص الصحيحين من الإسفاف، والبعد عن قوانين التأويل المجانبة لقواعد اللغة والشرع، فكان ذلك ضمن منظومة راسخة تحوي أسساً ثابتة، ومنهجاً مشدوداً بقواعد مرتبطة باللسان ومقتضيات اللغة في فهم الخطاب النبوي، ومحتكمة للشرع وحدوده.

وبقي الأمر على ذلك، حتى برز رويبضات من ناطقي اللغة، مدّعي فقهها؛ تناولوا صحيحي البخاري ومسلم بقراءة تُسمى بـ"الحداثية"؛ وهي قراءة تأويلية خارجة عن نطاق المعهود المنطقي، مستمدة آلياتها من تجارب الغرب في فهم نصوصهم المقدسة، غير مكترثين لنتاجات نصوصهم العقدية والفقهية بقدر ما تتوق إليه أنفسهم من النقد، باستخدام "نظريات لغوية" مبتدعة (كالبنيوية ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn1))، والتفكيكية ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn2))، والسيميائية ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn3)))، والتي كانت وليدة الصراع الحداثي الغربي مع الدين، فأدى ذلك إلى الاشتغال بالإنسان بعيداً عن الله (الأنسنة)، والاهتمام بالعقل خارجاً عن الوحي (العقلنة)، ومراعاة للدنيا من غير النظر إلى الآخرة (الأرخنة)، مما أدى بهم إلى معالجة أحاديث الصحيحين ضمن تقاليد يهودية نصرانية، تُخضع السنة –إسناداً ومتناً- لمناهج النقد التي خضعت لها نصوص التوراة والإنجيل في إطار الفكر الغربي والذي صار عند الحداثيين العرب مرجعية مسلمة غير قابلة للنقاش والتعديل ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn4)).

فأنتج ذلك تأثراً واضحاً عند كثير من "المثقفين" العرب على درجات متفاوتة، ساعدت عليه عوامل متعددة سيأتي ذكرها في مواضعها، مدّعين –عن قناعة وإصرار- أنهم يقفون موقف الدفاع عن الإسلام –زعموا-، وإخراجه من الزاوية الضيقة التي وضع نفسه فيها!، واتخذوه مولجاً لنقض –لا أقول أحاديث الصحيحين فقط- بل قواعد الدين وآيات الكتاب الحكيم، فكانوا مصداق قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "دعاة على أبوب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها" إذ "هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا" ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn5))، فهذا محمد أركون يزعم قائلاً: "إن الجمهور الأوروبي يجهل كل شيء عن حقائق الإسلام ومجتمعات الإسلامية، كما أنه مليء بالإحكام السلبية المسبَّقة تجاهها، وأنا أهدف إلى إيضاح الأمور على حقيقتها، وبالتالي إزالة هذه الأحكام المسبقة أو زحزحتها بعض الشيء إن أمكن" ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn6)).

وهكذا نرى أن القوم يُعِدون أنفسهم منقذي الفكر الإسلامي من بين طرفي كماشة المجتمع الأوروبي، ومجددي الحضارة والفكر الموروث، إذ يعالجون جميع القضايا الشرعية المشكِلة على حد سواء متأثرين –بعمق- بمعطيات الحضارات والثقافات الغربية، فضلاً عن الضغوط الواقعية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير