تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد ذكر ابن جرير الطبري مطعناً باطلاً في قراءة ابن عامر!!، لولا شهرته ما ذكرناه. قال ابن جرير: «وقد زعم بعضهم أن عبد الله بن عامر أخذ قراءته عن المغيرة بن أبي شِهاب المخزومي وعليه قرأ الْقُرْآن، وأن المغيرة قرأ على عثمان رضي الله عنه. وهذا غير معروف عن عثمان!، وذلك أنا لا نعلم أن أحداً ادعى أنَّ عثمان أقرأه الْقُرْآن!! بل لا نَحْفَظ عنه من أحرف الْقُرْآن إلا أحرفا يسيرة. ولو كان سبيله في الانتصاب لأخذ القرآن على من قرأ عليه السبيل التي وصفها الراوي عن المغيرة بن أبي شهاب ما ذكرنا، كان لا شك قد شارك المغيرة في القراءة عليه والحكاية عنه غيره من المسلمين، إما من أدانيه وأهل الخصوص به، وإما من الأباعد والأقاصي. فقد كان له من أقاربه وأدانيه من هو أمس رحماً، وأوجب حقا من المغيرة، كأولاده وبني أعمامه ومواليه وعشيرته من لا يحصي عدده كثرة. وفي عدم مدعي ذلك عن عثمان الدليل الواضح على بطول قول من أضاف قراءة عبد الله بن عامر إلى المغيرة بن أبي شهاب، ثم إلى أن أخذها المغيرة بن أبي شهاب عن عثمان قراءة عليه.

وبعدُ، فإنَّ الَّذِي حكى ذلك وقاله رجل مجهول من أهل الشام لا يعرف بالنقل في أهل النقل، ولا بالْقُرْآن في أهل الْقُرْآن، يقال عراك بن خالد المري، ذكر ذلك عنه هشام بن عمار. وعراك لا يعرفه أهل الآثار (!!) ولا نعلم أحدا روى عنه غير هشام بن عمار.

وقد حدثني بقراءة عبد الله بن عامر كلها العباس بن الوليد البيروتي، وقال حدثني عبد الحميد بن بكار عن أيوب بن تميم عن يحي بن الحارث عن عبد الله بن عامر اليحصبي أن هذه حروف أهل الشام التي يقرؤونها. فنسب عبد الله بن عامر قراءته إلى أنها حروف أهل الشام في هذه الرواية التي رواها لي العباس بن الوليد، ولم يضفها إلى أحد منهم بعينه. ولعله أراد بقوله: إنها حروف أهل الشام أنه قد أخذ ذلك عن جماعة من قرائها، فقد كان أدرك منهم من الصحابة وقدماء السلف خلقا كثيرا. ولو كانت قراءته أخذها كما ذكر عراك بن خالد عن يحي بن الحارث عنه عن المغيرة بن أبي شهاب عن عثمان بن عفان t، لم يكن ليترك بيان ذلك إن شاء الله تعالى مع جلالة قدر عثمان، ومكانه عند أهل الشام، ليُعَرِّفهم بذلك فضل حروفه على غيرها من حروف القراء».

قلت: فالذي استنكره الطبري من السند – وهو عراك بن خالد – قد عرفه غيره ووثَّقه في النقل.

ومن عرف حجة على من لم يعرف. والطبري ليس من علماء الحديث، ولم يزد إلا أن أعلن جهله بعراك.

فعراك مقرئ مشهور له رواية في الحديث، وقد ذكره المحدثون في تراجمهم.

وقد ذكر المزي من روى عنهم الحديث، وهم: إبراهيم بن أبي عبلة، وإبراهيم بن وثيمة النصري، وأبوه خالد بن يزيد المري، وأبو أمية عبد الرحمن بن السندي مولى عمر بن عبد العزيز، وعبد الملك بن أبان، وعثمان بن عطاء الخرساني، ويحيى بن الحارث الذِّماري، وقرأ عليه القرآن.

ثمَّ ذكر من رووا عنه الحديث، وهم: أبو الوليد أحمد بن عبد الرحمن بن بكار الدمشقي، وأبو الفضل الربيع بن ثعلب المقرئ، وقرأ عليه القرآن، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان المقرئ، ومحمد بن ذكوان الدمشقي، ومحمد بن وهب بن عطية السلمي، ومروان بن محمد الطاطري، وموسى بن عامر المريّ، وهشام بن عمار، وقرأ عليه القرآن.

وأما عمن روى عنه القرآن، فأكثر من أن يستقصى.

ونقل المِزِّيُّ في تهذيب الكمال عن المقرئ أبي علي أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني، قال: «عراك بن خالد من المشهورين عند أهل الشام بالقراءة والأخذ عن يحيى بن الحارث، وعن أبيه خالد، وعن غيره، بالضبط عنهم».

فضلاً عن الأقوال الأخرى فيه. ومن كان هذا حاله في الآثار والقرآن، فقد ارتفعت عنه الجهالة التي حكم بها الطبري. فما كان بالنسبة له مجهولاً لا يُعرف، كان بالنسبة لغيره معروفًا موثَّقًا في نقل القراءة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير