قال ابن التمجيد في حاشية البيضاوي على قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا): فيه دليل على أن لا وجوب قبل الشرع، فالآية ردّ على قول من قال: النظر في معرفة الله واجب عقلا، منهم المعتزلة، ولما دلت الآية على خلاف مذهبهم أخرجوا الكلام عن ظاهره كما قال صاحب الكشاف. إلخ (راجع حاشية القونوي ج11/ص463)
فهل كل العلماء متحاملون باغون على الزمخشري لا سمح الله؟؟ وأنت وحدك المنفرد بالفهم دونهم؟؟
هداك الله وبصرك بحقيقة نفسك وعرفك قدرك لكي لا تتعدى طورك. إنا لله وإنا إليه راجعون ..
ـ[محمد براء]ــــــــ[08 Feb 2010, 09:51 ص]ـ
أولاً: لا داعي للتطويل ولا لتكبير الخط، فحاصل ما تستدل به هو قول الزمخشري في تفسير قوله تعالى: "رسلاً مبشرين .. " الآية: " فكان إرسالهم إزاحة للعلل وتتميما لإلزام الحجة "، وهذا الكلام نقلته في موضوعي الأصلي، لكون يبدو أنك مصر على إقحام ابن عاشور في هذه المسألة بعد أن ألهبك نقده الصريح للأشعرية، وبعد عجزك عن الدفاع عن كذبتك التي كذبتها عليه في مشاركتك السابقة.
وأقول هنا: كلام الزمخشري هذا لا يناقض كلامه في تفسير آية الإسراء الذي صرح فيه بأن التعذيب ينافي الحكمة – والذي تصر على إغفاله تمادياً في باطلك -، ذلك أن الحجة عنه على مرتبتين:
الحجة التامة: وهذه لا تكون إلا بإرسال الرسل.
وحجة ناقصة: بمجرد العقل.
والذي دل على ذلك هو قوله: " فكان إرسالهم إزاحة للعلل وتتميما لإلزام الحجة ". فالحجة إذا قبل إرسالهم غير تامة، فكان إرسالهم تتميماً لها، وكذلك العلل قائمة، فكيف يعذبهم دون إرسال الرسل؟!.
وهذا ما فهمه بعض الحنفية من مذهب المعتزلة، قال الشيخ المطيعي في سلم الوصول المطبوع مع نهاية السول (1/ 268 - 269): " وأجابَ بعض شُرَّاح مُسلَّم الثبوت على استدلالَ الأشاعرةِ هذا – أي استدلالَهُم بقولِهِ تعالى: ?وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ?: بأنَّ المُعتزلَة مع قولِهِم بالحُسنِ والقبح العقليين لا يَرُونَ العذاب قبلَ بعثة الرسول، بناءً على أن إلزامَ الحُجَّةِ التامَّةِ إنما يكونُ ببعثةِ الرسول ".
ففرِّق - يا فهيم - بين الحجة التامة وغير التامة يندفع لك الإشكال.
أما ما نقلته عن ابن عاشور وهو قوله معقباً: " يعني أنّ بعثة الرسل رحمة من الله لا عدل، ولو لم يبعثهم لكانت المؤاخذة على القبائح عدلاً، فبعثة الرسل إتمام للحجّة في أصل المؤاخذة".
فلا أرى - أولاً - اتهاماً للزمخشري بتحريف الآية، كما فعل ابن المنير والطيبي، وهذا هو الذي أنكرته وجعلته تحاملاً وبغياً على الخصم، وابن عاشور غير واقع فيه.
فقولك بعد ذلك: " فهل العلامة ابن عاشور أيضا متحامل على الزمخشري لا سمح الله؟؟ أو هو جاهل بمذهب الزمخشري معاذ الله؟؟ أو هو باغ على الزمخشري حاشاه الله من البغي؟؟ " تهويش سمج.
على أن كلام ابن عاشور – ثانياً - لا يدل على دعواك التي تريد إثباتها، وهي أن الزمخشري يرى وقوع التعذيب قبل إرسال الرسل، فقضية أن إرسال الرسل رحمة لا عدل قضية أخرى، لا تلازم بينها وبين هذه القضية، ومن ادعى التلازم فليبينه – على قواعد أهل الاعتزال طبعاً -.
ثانياً: قولك: " ولهذا اعتبر بعثة الرسل من عدمها لا تغير شيئا في الوجوب العقلي، خلافا لأهل السنة، وسيتبين ذلك " أقول: نصبتَ الخلاف في هذه المسألة مع أهل السنة، ومعنى هذا أن من خالفك فيها مخالف لأهل السنة، أي: الماتريدية مخالفون لأهل السنة فيها، والفخر الرازي – إمام الأشعرية – مخالف لأهل السنة فيها، إذ قرر القول بالوجوب العقلي في تفسيره وفي المطالب العالية!!. ولهذا قال الإسنوي في نهاية السول (1/ 266): " شكر المنعم غير واجب عقلاً خلافاً للمعتزلة والإمام فخر الدين في بعض كتبه الكلامية ".
فانظروا - معشر الأشعرية - كيف يصير " أهل السنة " لعبة بيد هذا، ينسب إليهم ما يشاء ويترك ما يشاء، واردعوه عن جعله من نفسه متحدثاً عنكم مقرراً لمذهبكم فقد أساء لكم.
ثالثاً: لا داعي للتكلف البارد، والتباكي الكاذب على العلماء .. تسترجع وتحوقل .. كأنك أنت الوحيد الذي تعرف للعلماء قدرهم وغيرك ليس عنده من ذلك حظ، ولا تعلم أنك بأسلوبك المتكلف هذا تسيء للعلماء أكثر مما تذب عنهم.
والدفاع لا يكون بتهويل فيه كذب ظاهر كقولك بعد أن نقلت كلام ابن عاشور وابن التمجيد: " فهل كل العلماء متحاملون باغون على الزمخشري " .. فهل صار ابن عاشور وابن التمجيد - مع سوء فهمك لكلام الأول - (كل العلماء)!!.
على أن الزمخشري عالم، كما أن ابن المنير وغيره علماء.
فالله المستعان.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[08 Feb 2010, 12:46 م]ـ
الزمخشري يقول:
الحجة لازمةٌ لهم قبل بعثة الرُّسل
وهم محجوجون بما نصبه الله من الأدلة التي النظر فيها
وأنت تقوله:
فالحجة إذا قبل إرسالهم غير تامة
وإذا كانت الحجة غير تامة فهي غير لازمة، لكن الزمخشري صرح بأنها لازمة قبل بعثة الرسل
فبأي منطق أو فهم تأول كلام الزمخشري؟؟
لقد ناقضت صريح منطوقه إذ هو يقرر لزوم الحجة وذلك يعني تمامها، إذ لو كانت غير تامة لكانت غير لازمة قبل بعثة الرسل، لكنها لازمة قبل بعثة الرسل بنص الزمخشري.
عدم رجوعك إلى الحق بعد تبينه هو خطيئة أخرى تحملها على ظهرك بعد أن نسبت للعلماء البغي والتحامل على الزمخشري، وهكذا الجهل يفعل بصاحبه.
والله ما يسعني إلا أن أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وغفر الله لمن كان السبب في دفع العوام للقدح في العلماء ..
فللأسف هذا المنهج الساقط قد انتشر بين كثير من العوام أو مبتدئي بعض طلبة العلم حيث صار عندهم تسفيه العلماء المبرزين سمتهم وأخص وصفهم.
نسأل الله السلامة، ونسأل الله أن يردّ الجاهلين بقدر العلماء وبالعلم نفسه إلى الصراط المستقيم بأن يلتزموا الصمت، أو الاسترشاد والاستفسار بلطف لعل من هو أعلم منهم يرشدهم إلى الصواب ويمنعهم من السقوط في مهواة التعالم.
¥