تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال ابن كثير رحمه الله: هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في كيفية تلقيه الوحي من الملك فإنه كان يبادر إلى أخذه ويسابق الملك في قراءته فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له وتكفل الله له أن يجمعه في صدره وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه عليه وأن يبينه له ويفسره ويوضحه فالحالة الأولى جمعه في صدره والثانية تلاوته والثالثة تفسيره وإيضاح معناه ولهذا قال تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أي بالقرآن كما قال تعالى: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما} ثم قال تعالى: {إن علينا جمعه} أي في صدرك {وقرآنه} أي أن تقرأه {فإذا قرأناه} أي إذا تلاه عليك الملك عن الله تعالى: {فاتبع قرآنه} أي فاستمع له ثم اقرأه كما أقرأك {ثم إن علينا بيانه} أي بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن عن أبي عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة فكان يحرك شفتيه] قال: فقال لي ابن عباس: أنا أحرك شفتي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه وقال لي سعيد: وأنا أحرك شفتي كما رأيت ابن عباس يحرك شفتيه فأنزل الله عز وجل {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه} قال: جمعه في صدرك ثم تقرأه {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} أي فاستمع له وأنصت {ثم إن علينا بيانه} فكان بعد ذلك إذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه وقد رواه البخاري ومسلم من غير وجه عن موسى بن أبي عائشة به ولفظ البخاري فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله عز وجل

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو يحيى التيمي حدثنا موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يلقى منه شدة وكان إذا نزل عليه عرف في تحريكه شفتيه يتلقى أوله ويحرك به شفتيه خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره] فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} وهكذا قال الشعبي والحسن البصري وقتادة ومجاهد والضحاك وغير واحد: إن هذه الاية نزلت في ذلك وقد روى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {لا تحرك به لسانك لتعجل به} قال: كان لا يفتر من القراءة مخافة أن ينساه فقال الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه} أن نجمعه لك {وقرآنه} أن نقرئك فلا تنسى وقال ابن عباس وعطية العوفي {ثم إن علينا بيانه} تبيين حلاله وحرامه وكذا قال قتادة.

وقال القرطبي رحمه الله:

قوله تعالى: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} قال فاستمع له وانصت ثم ان علينا ان نقرأه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك اتاه جبريل عليهما السلام استمع واذا انطلق جبريل عليه السلام قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما أقره خرجه البخاري ايضا ونظير هذه الآية قوله تعالى: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} [طه: 114] وقد تقدم وقال عامر الشعبي: انما كان يعجل بذكره اذا نزل عليه من حبه له وحلاوته في لسانه فنهي عن ذلك حتى يجتمع لأن بعضه مرتبط ببعض وقيل: كان عليه السلام اذا نزل عليه الوحي حرك لسانه مع الوحي مخافة ان ينساه فنزلت {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} [طه: 114] ونزل: {سنقرئك فلا تنسى} [الأعلى: 6] ونزل: {لا تحرك به لسانك} قاله ابن عباس: (وقرآنه) أي وقراءته عليك والقراءة والقرآن في قول الفراء مصدران وقال قتادة: (فاتبع فرآنه) أي فاتبع شرائعه واحكامه.

قال الإمام الشنقيطي رحمه الله تعالى: (قوله تعالى: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله}. ظاهر هذه الآية أن جبريل ألقى القرآن في قلب النبي صلى الله عليه وسلم من غير سماع قراءة ونظيرها في ذلك قوله تعالى: {نزل به الروح الأمين، على قلبك} الآية [26/ 194،193]. ولكنه بين في مواضع أخر أن معنى ذلك أن الملك يقرؤه عليه حتى يسمعه منه، فتصل معانيه إلى قلبه بعد سماعه وذلك هو معنى تنزيله على قلبه. وذلك كما في قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه} [75/ 19،16]، وقوله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما} [20/ 114].أضواء البيان - (1/ 42).

فهل يكفي ما نقلته عن الإمام ابن كثير وعن الإمام الشنقيطي رحمهما الله في الرد على كلام الدكتور الذي يدل على نفي سماع النبي صلى الله عليه وسلم للوحي , وهل يمكن للأخوين الفاضلين أن يجيبوني: هل يليق هذا القول من فضيلة الدكتور أيمن أم أنه خطأ واضح من فضيلته خانه فيه قلمه فسطر في كتابه ما هو واضح البطلان؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير