ـ[محمد بن عيد الشعباني]ــــــــ[09 Feb 2010, 04:37 م]ـ
أحسنت يا أبا فهرٍ , وما دامَ الشيخُ حيا يُرزَقُ ويرُدُّ على كل متصلٍ ويفرحُ بالمراجعةِ والمباحثة , فمن خيانةِ أقلامنا لنا أن نحملَ كلامهُ على وجهٍ واحدٍ ونُفرِّعَ عليه ونشنعَ , وكما أنَّ الوحي لا يجوزُ قصرهُ على الصورة التي ذكرها الشيخُ أيمنُ فكذلك سواها من الكيفيَّاتِ فبكلٍّ نزلَ القرآنُ , وهذا ما دعاني إلى أن أرجو من الأخ مطالعة مباحث بدءِ الوحي. قد اطلع الدكتور على هذا الموضوع حتى تنبه لما لون من نصوصه ثم أجاب بما يؤكد أنه ينفي سماع النبي صلى الله عليه وسلم للقرءان من جبريل بأذنه وذلك في نقل الشيخ طارق عبد الله السابق عن الدكتور أيمن.
فهل قال أحد من أئمة السلف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمع القرءان بأذنه؟ من كان يعلم قائلا بهذا قبل الدكتور فليتحفنا به وإلا فيبقى قول الدكتور أقل ما يقال فيه أنه قول محدث كما قال الدكتور أبو فهر من قبل أو خانه فيه قلمه كما قلت أنا من قبل.
ما زال هناك ردود مهمة على باقي كلام الدكتور فهل أحد ينقل لنا عن أحد السلف بما يوافق قول الدكتور أم نقر بخطئه وننتقل للفقرة التالية؟
ـ[محمد بن عيد الشعباني]ــــــــ[09 Feb 2010, 04:45 م]ـ
الدكتور أيمن لم يخالف أئمة السلف، فبين من ذكرت وبين الصحابة والتابعين الذين يصدق عليهم اسم السلف قرونا طويلة، والسلف الصالح لم يصدر عنهم في المسألة نص صريح يكون دليلا على إجماع قطعي في المسالة بحيث يحرم مخالفته، وإلا فلو كان الأمر كذلك لكان الإمام ابن جرير الطبري مخالفا للسلف عندما قرر استحالة السكوت على الله، وقرر أن كلام الله قديم غير محدث في ذاته، وإن كان يتكلم بصوت لا يقوم بذاته بأن يخلقه في جبريل بعد أن يخلق له العلم الضروري بمدلولات كلامه القديم الأزلي سبحانه وتعالى.
فعلى من يتوهم أن جمهور علماء المسلمين قد خالفوا إجماع السلف في هذه المسالة أن يرفع هذا الوهم من ذهنه، فالإمام الطبري من أئمة السلف، ويستحيل أن يخالف الصحابة والتابعين في هذا الأمر الخطير، وإذا جوزنا مخالفة الإمام الطبري لإجماع السلف في هذه المسالة العظيمة فعلى العلوم الدينية السلام، فلا ثقة بعد ذلك في كلام أحد أو فهمه.
المسالة خلافية بين الفرق الإسلامية، ومدعي الإجماع القطعي واهم، هي فقط شعارات يرفعها رؤساء المذاهب لتقوية كلامهم وتهويل الأمر على المخالف، وإلا فمن أسهل الأشياء ادعاء الإجماع، ومن أصعبها تحقيق صحة هذا الإجماع.
ألا ترى يا دكتور أن كلامك ينقض بعضه بعضا ثم ما علاقته بمسألتنا إننا نبحث في مسألة واحدة وهي: هل سمع النبي صلى الله عليه وسلم القرءان بأذنه أم لا؟
الدكتور أيمن قرر في كتابه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمع القرءان بأذنه , فمن قال هذا قبل الدكتور أيمن؟ هذا هو السؤال وهذا هو البحث فلا يحسن بنا أن نحيد يمنة ويسرة. وفق الله جميع المسلمين.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[09 Feb 2010, 05:09 م]ـ
بل كلامي في صلب الموضوع، يعرفه من حقق ذلك.
واعلم أن من صور الوحي المتعددة أن ينفث الملك في روع النبي فعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نفث روح القدس في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته.
فهذه إحدى صور الوحي وهو أن ينفث الملك في روع وقلب النبي من غير ان يراه أو يسمع منه شيئا بأذنه، ومن الوحي الوحي بالقرآن.
وقال كثير من المفسرين في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا) هو أن ينفثت في روعه بالوحي. وقال الشيخ الحليمي: هذا هو الوحي الذي يخص القلب دون السمع.
فكلام الدكتور أيمن صحيح في إحدى صور الوحي، وهي صور متعددة فصلها العلماء، وبعض المحققين قال بأن القرآن نزل جملة على قلب النبي قبل أن ينزل به الملك جبريل عليه السلام، واستدل على ذلك بآية قرآنية. وأيضا فقد قال تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) ولم يقل على أذنك، والقلب محل العلم لا محل السمع.
نعم، ربما يناقش الدكتور إذا حصر صور الوحي في هذه، وجزم بأنه لا طريق للوحي إلا هذا، ولكنه لم يفعل، فلا يجوز تقويله ما لم يقله.
وأما مسألة الصوت الحادث القائم بذات الله عند البعض، فقد أشرت إلى بطلانها عند الإمام ابن جرير الطبري، وهو إمام من أئمة السلف، فلا ينبغي العدول عن كلامه وهو من هو والالتجاء لكلام من جاء بعده بقرون.
وعليه، فقد قرر العلماء من طرق الوحي أن يكلم الله النبي بواسطة، أو بلا كفاحا، وبعضهم يسمي ذلك مشافهة تجوزا، ولكن دون القول بأن صوتا حادثا قام بذات الله تعالى.
ولا يصح عن السلف أن الصوت الحادث قام بذات الله، فضلا عن يكون قد حصل إجماع على ذلك، ومن ادعى الإجماع فدعواه غير مسموعة، كيف والإمام الطبري يقرر استحالة ذلك ولا ينعقد إجماع ليس هو فيه، فضلا عن أن يخالف ما أجمع عليه السلف.
وهذه المباحث لا تليق بكل الناس .. فنرجو أن لا يخوض فيها إلا أهلها.
¥