ونظيره انتقال أرواح الشهداء إلى أجواف طيور خضر تسرح في الجنة. وقال شيخنا شيخ الإسلام: ما ذكره إمام الحرمين لا ينحصر الحال فيه، بل يجوز أن يكون الثاني هو جبريل بشكله الأصلي، إلا أنه انضم فصار على قدر هيئة الرجل، وإذا ترك ذلك عاد إلى هيئته، ومثال ذلك القطن إذا جمع بعد أن كان منتفشا فإنه بالنفش يحصل له صورة كبيرة وذاته لم تتغير. وهذا على سبيل التقريب، والحق أن تمثل الملك رجلا ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلا، بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه. والظاهر أيضا أن القدر الزائد لا يزول ولا يفنى، بل يخفى على الرائي فقط. والله أعلم.
قوله: (فيكلمني) كذا للأكثر، ووقع في رواية البيهقي من طريق القعنبي عن مالك " فيعلمني " بالعين بدل الكاف، والظاهر أنه تصحيف، فقد وقع في الموطأ رواية القعنبي بالكاف، وكذا للدارقطني في حديث مالك من طريق القعنبي وغيره.
قوله: (فأعي ما يقول) زاد أبو عوانة في صحيحه " وهو أهونه علي ". وقد وقع التغاير في الحالتين حيث قال في الأولى " وقد وعيت " بلفظ الماضي، وهنا " فأعي " بلفظ الاستقبال ; لأن الوعي حصل في الأول قبل الفصم، وفي الثاني حصل حال المكالمة، أو أنه كان في الأول قد تلبس بالصفات الملكية فإذا عاد إلى حالته الجبلية كان حافظا لما قيل له فعبر عنه بالماضي، بخلاف الثاني فإنه على حالته المعهودة.
قوله: (قالت عائشة) هو بالإسناد الذي قبله، وإن كان بغير حرف العطف كما يستعمل المصنف وغيره كثيرا، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف. وقد أخرجه الدارقطني في حديث مالك من طريق عتيق بن يعقوب عن مالك مفصولا عن الحديث الأول، وكذا فصلهما مسلم من طريق أبي أسامة عن هشام ونكتة هذا الاقتطاع هنا اختلاف التحمل ; لأنها في الأول أخبرت عن مسألة الحارث، وفي الثاني أخبرت عما شاهدت تأييدا للخبر الأول.
قوله: (ليتفصد) بالفاء وتشديد المهملة، مأخوذ من الفصد وهو قطع العرق لإسالة الدم، شبه جبينه بالعرق المفصود مبالغة في كثرة العرق. وفي قولها " في اليوم الشديد البرد " دلالة على كثرة معاناة التعب والكرب عند نزول الوحي، لما فيه من مخالفة العادة، وهو كثرة العرق في شدة البرد، فإنه يشعر بوجود أمر طارئ [ص: 30] زائد على الطباع البشرية. وقوله " عرقا " بالنصب على التمييز، زاد ابن أبي الزناد عن هشام بهذا الإسناد عند البيهقي في الدلائل " وإن كان ليوحى إليه وهو على ناقته فيضرب حزامها من ثقل ما يوحى إليه
ـ[محمد بن عيد الشعباني]ــــــــ[10 Feb 2010, 08:23 م]ـ
الأخ الفاضل محمد تقول نقلا عن كتاب الدكتور أيمن:
أقول:
أولاً: ما علم باللون الأحمر يبدو أنه خطأ منك أو من أصل الكتاب لا أدري، ولعله صواب أي لم يكن على القلب والأذن معاً.
ثانياً: إذا كان الدكتور أيمن يقصد أن الوحي كله بهذه الصفة فلا شك أنه مخالف للصواب لمخالفته للأدلة الصريحة من الكتاب والسنة.
وإن كان يقصد أنه نوع من أنواع الوحي فهو أمر محتمل ويمكن النظر فيه ومناقشته.
والأمر سهل ويسير وأكثر ما فيه أن الدكتور اجتهد فأخطأ
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
أنصفت بارك الله فيك , اجتهد الرجل فأخطأ , وها هو كلامه كاملا كما هو في كتابه:
لابد أن نبدأ دراستنا من أول السلسلة أي بتلقي النبي صلى الله عليه وسلم للقرءان العظيم من جبريل عليه السلام إن نقل المعلومات من ملك نوراني إلى بشر من لحم ودم ليس بالأمر المعتاد بين الناس , ولا هو من أساليب التعلم التقليدية , بل هو كيفية اسمها (الوحي) لا يعرفها حق معرفتها إلا من عاناها , والذي نعرفه عنها أنها تفريغ معلومات من الملك إلى روح الموحى إليه مباشرة من غير مرور على الأذن أو العين البشريتين.ولعل أقرب شيء نستطيع أن نشبه به ظاهرة الوحي هو الرؤيا المنامية التي تحدث لكل واحد منا في النوم فترى فيه الروح وتسمع ولكن من غير استعمال الأذن والعين , ولعل مما يدل على ذلك قوله تعالى (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) وقوله (وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين).
¥