ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[12 Feb 2010, 03:00 ص]ـ
غرائب وعجائب
من أغرب دوافع صاحب هذا الموضوع في ردّه على التفسير العلمي أنه يرفض الإعجاز العلمي دفاعاً عن التفسير المأثور .. كأن التفسير العلمي هو خصم المأثور وعدوه الذي سينقلب عليه ويعتلي سدة الحكم ملكاً على التفاسير الإسلامية للقرآن!! .. ولا أدري كيف توهم هذا الوهم .. ولا كيف تعارضت عنده الحقيقة الشرعية مع الحقيقة العلمية وتعاندتا وتعاركتا وتدابرتا .. فلا سلام وكلام .. إلى الدرجة التي جعلته يتحكم تحكماً مضطرباً في إلغاء النظر فيما خلقه الله وأمر بالنظر إليه والتفكر فيه .. ولو استطاع أن يذهب يخطب في الناس .. أيها الناس ألا فلا تنظروا إلى الكون ولا تكتشفوا شيئاً .. ولا تقارنوا مكتشفاتكم بكتاب ربكم .. لئلا تسيئوا فهم كلام الله؟!!. إن مجرد المجرد المقارنة بين الكون والقرآن حرام في شرعة ( .. ) .. وإن التعبير عن أفكاركم لإخوانكم في المنتديات حرام عند ( .. ) لأن المنتديات لكبار طلبة العلم .. ولا تكتب بكفك غير شيء ...
وجدنا الله تعالى يمتدح الناظرين في هذا الباب من العلم بأنهم علماء يخشونه حق الخشية في تركيب لغوي مؤتلف ائتلافاً لا ينقضي عجبه وبهاؤه .. قبلها الكون البديع وبعدها الكتاب الخالد:
((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ? وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ?27? وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَ?لِكَ ? إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ? إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)) فاطر.
ثم قال بعدها:
((إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ ?29? لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ? إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ?30?))
المعهود عند بعضهم من قصار النظر أن العلماء هم الحافظون لفروع المسائل الشرعية وأصولها .. أما علماء الكونيات المضبوطون بالنظر الشرعي أو الشرعيون المرتبطون بالكون .. فليسوا عند أولئك في شيء.
وهل يمتدح الله نظراً لا يسفر عن نتائج يا قوم؟ .. فإذا تظاهرت النتائج الناشئة عن التفكر والنظر أمرنا أن نناصبها العداء ونشبعها خصومة وسباباً؟ ..
إن الله تعالى أرشد الناس إلى النظر في ملكه وملكوته حتى يرجعوا إلى الإيمان .. أي هو نظر مطلوب قبل النظر في الكتاب العزيز .. ومعه ..
أين الخصام بين الكتابين؟. لا يوجد إلا في ذهنية متخلفة.
إن الدفاع عن التفسير المأثور إنما يكون في إثبات طلاقته وفي إحسان فهمه وفي جمع دلالاتها الواسعة وفي تحرير الأقوال المختصرة والوجيزة وفي تمحيص أسانيده ورواته .. وليس بالتحكم المتكلف بإلغاء أوجه وجيهة من بيانات الكتاب العزيز لا تتعارض مع المأثور بل تثريها وتثورها، وليس بالتصدي لطلاقة الألفاظ الخالدة والمعاني الكاملة بل تقويها وتزيل عنها ركام العصور والمعاصي وأغلال التقليد والتكلف، وليس بالسباب والطعن في الأعلام الرواسي الذين أفنوا أعمارهم في النظر والبحث والدعوة وليس باقتناص الزلات وإشاعة السقطات.
سيبقى التفسير المأثور هو الأصل .. وسيظل أصيله محفوظاً بحفظ الله تعالى لكتابه .. ولكن ستظل تسبح حوله أنظار المتفكرين وتأملات المتدبرين واكتشافات العلماء الذين هم من خشيته مشفقون ..
والنظر في كل العلوم مهما بلغ ما هو إلا جهد بشري يعتوره النقص وغيره من العوارض البشرية .. ولكنه في تطور ..
والأغرب الأعجب أنه يسمّي من يكتب عن التفسير العلمي: (مدرسة) .. فعل المستشرقين حين يتكلمون عن مناهج التفسير وتأثراً بثقافة ليست عربية أصيلة ولا شرعية في التخاطب مع قوم مشتغلين فرادى بكتاب الله وسنة رسوله .. أحسب والله أعلم أن سكينة تنزل عليهم.
فمن أيّة مدرسة هو .. أمن المدرسة التي تؤمن ببعض و و و و و تترك بعضاً .. إذا لم يكن من المدرسة التي تتفكر في خلق السماوات والأرض .. ليس فيها فطور ولا شُبه.
والله الهادي.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[12 Feb 2010, 05:17 ص]ـ
¥