وقد صدق أخونا المجريسى حين سألك مستنكرا:
ما وجه ايراد هذه الآثار على الآية وعلى النظرية؟!
ومع ذلك فسوف أبين لك من شرح صحيح البخارى ما يدل على صدق ما نقول
قال الامام ابن حجر فى شرحه على صحيح البخارى:
((قوله: (كان الله ولم يكن شيء غيره) في الرواية الآتية في التوحيد " ولم يكن شيء قبله " وفي رواية غير البخاري " ولم يكن شيء معه " والقصة متحدة فاقتضى ذلك أن الرواية وقعت بالمعنى , ولعل راويها أخذها من قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه في صلاة الليل - كما تقدم من حديث ابن عباس - " أنت الأول فليس قبلك شيء " لكن رواية الباب أصرح في العدم , وفيه دلالة على أنه لم يكن شيء غيره لا الماء ولا العرش ولا غيرهما , لأن كل ذلك غير الله تعالى))
وجاء بصحيح البخارى كذلك: ((حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال:
جاء نفر من بني تميم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا بني تميم أبشروا قالوا بشرتنا فأعطنا فتغير وجهه فجاءه أهل اليمن فقال يا أهل اليمن اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا قبلنا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بدء الخلق والعرش فجاء رجل فقال يا عمران راحلتك تفلتت ليتني لم أقم)) "
وجاء التعليق عليه فى فتح الباري بشرح صحيح البخاري هكذا:
((قوله: (فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بدء الخلق والعرش) أي عن بدء الخلق وعن حال العرش , وكأنه ضمن " يحدث " معنى يذكر , وكأنهم سألوا عن أحوال هذا العالم وهو الظاهر , ويحتمل أن يكونوا سألوا عن أول جنس المخلوقات , فعلى الأول يقتضي السياق أنه أخبر أن أول شيء خلق منه السماوات والأرض , وعلى الثاني يقتضي أن العرش والماء تقدم خلقهما قبل ذلك))
فها أنت تراه قد رجح المعنى الأول القائل بأن أول شىء خلقه تعالى من العالم هو السموات والأرض (راجع شرح الحديث فى فتح البارى).
وجاء بفتح البارى أيضا: ((وقال الكرماني: قوله (وكان عرشه على الماء) معطوف على قوله كان الله ولا يلزم منه المعية إذ اللازم من الواو العاطفة الاجتماع في أصل الثبوت وإن كان هناك تقديم وتأخير))
فتأمل أخى فى قول الكرمانى عن الواو العاطفة لتدرك منه أنها لا تقتضى ترتيبا أو تدرجا على النحو الذى فهمه البعض فظن أن هذه الراوية تشرح معنى الآية فطار بها فرحا، وأغلق فهمه على ذلك دون تدبر
ولتتذكر أخى ما نقلته عن الامام ابن حجر فى صدر كلامى من قوله أن تلك الرواية وقعت بالمعنى، فكيف نجعل لألفاظها قدسية مثل قدسية النص القرآنى فنقول كما قال الأخ جمال منذ قليل: بعض روايات الحديث تصرح بالترتيب ب (ثم)
وردا عليه أقول: فلماذا لم تذكر هذا باقى الروايات؟
ان هذا يؤكد مرة أخرى ما قاله الامام ابن حجر من أن الرواية قد وقعت بالمعنى، ومن ثم فلا حجة لمن استشهد باحداها من دون الأخريات ليؤيد بها نظريته، وهذا ملحظ هام علينا أن نضعه فى الاعتبار
وفى مداخلات قادمة ان شاء الله سوف يتبين بتفصيل أوسع أن القرآن ذاته قد فسر آية هود السابعة وفقا لقاعدة (القرآن يفسر بعضه بعضا) وكذلك قاعدة (رد المتشابه الى المحكم)، وسيأتى بيانه قريبا ان شاء الله
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[16 Feb 2010, 10:22 م]ـ
الأخ جمال وفقك الله
أقول: بل إن القرآن تحدث عن نظام الكون بأدق ما تحدثه العلم المادي الحديث والذي توصل إليه العلم بخصوص الكون إنما هو جزء يسير من الحقيقة التى تحدث عنها القرآن.
أحييك أخى الكريم على تلك الكلمة
وأوافقك تماما على ما جاء فيها
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[16 Feb 2010, 10:27 م]ـ
والفئة الثانية تفسر النصوص بالمأثور ولكنها تتخذ من معاني النصوص الظاهرية ذرائع لرفض حقائق العلم الحديث الثابتة، وهذا الفئة ـ مع احترامي وتبجيلي لرموزها وأقلامها ـ تكرّر ـ من دون وعي ـ ما ارتكبته الكنيسة يومها من معارضة العلم ..
برغم اختلافى معك فى الموقف العام من الاعجاز العلمى، فاننى لا أملك الا أن أحييك على كلمتك الواردة بالاقتباس أعلاه
ـ[جمال السبني]ــــــــ[16 Feb 2010, 10:28 م]ـ
الإخوة الكرام ..
التركيز على الاتفاق جيد هنا .. وهو تقدم في الحوار إلى النتيجة أيةً كانت هي ..
ولكن هذا لا يلغي أنكم تمررون ربطاً كونياً ما أنزل الله به من سلطان ..
وهو أن الماء والدخان مترابطان؟؟؟؟؟ ..
وأن الدخان تصاعد من الماء؟؟؟؟ ...
بأي كتاب كان ذلك أم بأية سنة؟؟ ..
هل صار المعارضون مفسرين علميين أيضاً؟.
أخي الكريم عصام
ألم تسأل نفسك يوما ما العلاقة بين الماء والدخان في الخلق؟
ألم تقرأ الروايات والمأثورات التي تقرر هذه الأمور؟
ونحن نريد أولا أن نحيط علما بمجمل النصوص الدالة على ترتيب الخلق.
ثم إذا وجدنا توضيحا علميا أوردناه لتقريب الأمر إلى أفهامنا، وإلا فليس التوضيح العلمي مهما بقدر فهم السياق العام لقصة خلق السموات والأرض في القرآن الكريم والأحاديث والآثار الواردة في الباب. ولجوئي إلى بعض التوضيحات العلمية بعد الفهم الصحيح للنصوص، لا يعني أنني صرت مفسرا علميا، بل غاية الأمر أننا نريد أن نفهم النصوص من آيات وأحاديث وآثار، وبعد تقرر الفهم الصحيح لا يكون ذكر التوضيح العلمي إلا محاولة لتقريب الصورة من الأفهام.
وأنا مشكلتي أنني أتصل من مركز إنترنت ولا أجد الوقت الكافي لتوضيح فكرتي التي أريد عرضها. ولا أدعي أنني يمكنني توضيح جوانب الموضوع كلها، لكنني أؤكد على الفهم الصحيح للآيات والأحاديث ذات العلاقة بالموضوع، هذا هو الأهم، ثم يأتي التوضيح العلمي في المرتبة الثانية.
وقد تفضل الأخ الكريم مجدي ببعض ما أردت إيراده. فجزاه الله خيرا.
وأعتذر عن أنني لا أجد الوقت الكافي للإجابة على الردود والاعتراضات الوجيهة للإخوة.
¥