ـ[جمال السبني]ــــــــ[19 Feb 2010, 04:22 ص]ـ
المثل الذى سقته (سافرتُ وكنتُ مقيما) لا ينطبق لأنها أحوال نفس الشخص أو يجب أن تقول " سافرت وقد كنت مقيما " أو هو مثل فيه ركاكة لأن من سافر لا بد أنه كان مقيما قبل السافر فلا داعى للقول وكنت مقيما
أما إن أردت التمثيل فتقول - أقمت عندك وكان الحارس بالبيت - كان الحارس يحرس البيت مدة اقامتى عندك
- سافرت بالقطار وكان القمر بدرا - فهل تقول أنه كان بدرا قبل خروجى للسفر ولم يك كذلك أثناء السفر؛ أقمت عندك وكان الجو باردا .. إلخ
الآية تتكلم عن السموات والأرض خلقتا فى ستة أيام والجملة الثانية تتكلم عن العرش وأين كان وقت خلق السموات والأرض
أما كون خبر كان يقع فى الماضى لا يمنع كونه مستمر فى الحاضر مع الحدث المستمر أو للحال الدائمة " وكان بالمؤمنين رحيما " ... " بِمَا ?سْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ?للَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ .. " فهم لازالوا شهداء وقت الخطاب، "كان ذلك فى الكتاب مسطورا " فهو لايزال مسطورا
أخي الكريم مصطفى سعيد
أنا أستبشر بنقاشك الهادئ
المثال (سافرتُ وكنتُ مقيما) مصنوع صنعتُه بنفسي! ودَعْ عنك أنه كلام يحتوي على نوع من التكرار المعنوي، فإنما سقتُ هذا المثال من أجل توضيح هذا الأسلوب، الذي أظن أن منه قوله تعالى (وكان عرشه على الماء)، فهذا النظم ـ كما أفهمه ـ ينطلق من أن العرش هو الآن فوق السموات، والآية تتحدث عن خلق السموات والأرض، وتستأنف القول (وكان عرشه على الماء) أي: في بداية الخلق لم تكن سموات وأرض بل كان الماء هو أعلى مخلوق ولذا كان العرش على الماء.
وأما أسلوب (سافرتُ وقد كنتُ مقيما) فهو الأسلوب نفسُه، ولكن فيه توكيدا. وإلا فإن أسلوب (سافرتُ وكنتُ مقيما) أسلوب قويم إلا أننا اعتدنا أسلوب ( .. وقد .. ) ولذا نشعر ببعض الركاكة في أسلوب (سافرتُ وكنتُ مقيما)، وذلك لأننا ننتظر شيئا جديدا بعد (كنتُ) والحال أن جملة (كنتُ مقيما) توضيح وتأكيد للجملة السابقة لأنها تعني أن الإقامة مضت. ولا ركاكة، لأن الجملة الثانية (وكنتُ مقيما) توضيح ضروري لبعض الحالات، كأن يكون المتكلم مسافرا حين التكلم، فإذا قال (سافرتُ) وجب عليه أن يوضح أنه كان مقيما قبل ذلك ولم يكن مسافرا كما هو الآن. وورد هذا الأسلوب في نصوص كثيرة، منها الحديث الآتي:
(عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَجَلَسَتْ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأُمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ قَالَتْ فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَنَاوَلَتْهُ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ أُمَّ هَانِئٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَفْطَرْتُ وَكُنْتُ صَائِمَةً. فَقَالَ لَهَا «أَكُنْتِ تَقْضِينَ شَيْئًا». قَالَتْ لاَ. قَالَ «فَلاَ يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا»).
لاحظ جملتَي (أفطرتُ وكنتُ صائمة)، فهما على الأسلوب نفسه وتشبه جملتَي (سافرتُ وكنتُ مقيما) تماما. فقالت (وكنتُ صائمة) لأنها كانت يُظَنُّ أنها مفطرة.
وأما أن جملتَي (سافرتُ وكنتُ مقيما) تتحدثان مرتين عن أحوال الشخص نفسه، فهذا ليس إشكالا، فإنه كذلك في قوله تعالى ( .. خلق السموات والأرض .. وكان عرشه على الماء) وردت النسبة إلى نفس الذات مرتين، فالنسبة الأولى أنه خلق السموات والأرض، والنسبة الثانية أنه كان عرشه على الماء. فإنه لم يقل (وكان العرش على الماء) بل قال (عرشُه).
وأما المثالان (أقمت عندك وكان الحارس بالبيت) و (سافرت بالقطار وكان القمر بدرا)، فالواو فيهما ليست عاطفة أو استئنافية، بل الواو هنا حالية، بمعنى: والحال أن الحارس كان بالبيت، والحال أن القمر كان بدرا. فهما ليسا من قبيل مثالنا السابق. والأنسب أن تقول (أقمت عندك والحارس بالبيت) و (سافرت بالقطار والقمر بدر).
¥