الهدف , لقد رسمتُ خطة لمواجهة البحوث قلت أركز العمل على كل بحث لفترة حتى أنهيه ثم أتفرغ للآخر , أول بحث تفرغت له كان البحث الخاص بقراءة جزء من لسان العرب واستخراج الظواهر اللهجية وأنهيت ذلك البحث منذ الشهر الثاني، في حين لم يتقدم أحد من الطلبة إلى الأستاذ ببحثه إلى الآن، كذلك بحث الأصوات أنهيته في آخر الشهر الثالث , واليوم يكتمل والحمد لله آخر البحوث.
كابوس الكابسة
السبت 11 مايس 1974 = 19 ربيع الثاني 1394
الوقت بعد صلاة المغرب، كنت في الشقة منهمكاً في الكتابة أحاول أن أنقل بحث (الأصوات عند ابن يعيش) للاحتفاظ بنسخة منه عندي وتقديم نسخة للأستاذ، بعد أن أكملته منذ مدة , كان الأخ خليل يعمل أيضاً في أوراقه , ورفعت رأسي عن الورق لأنظر نظرة فارغة (برئية) تجاهه لا تحمل أي معنى سوى محاولة الاستراحة لأعود من جديد , كان في تلك اللحظة يحاول تدبيس بعض الأوراق , بآلة التدبيس (الكابسة) العائدة لي، كنت قد وضعتها حيث يمكن أن نستعملها جميعاً , لا بل هو أكثر مني استعمالاً لها , واستعمالها لا يكلفني شيئاً لأن الألف (مسمار) بستين فلسا، وحتى لو كانت بثمن أغلى فهي لا تساوي شيئاً بجانب العلاقة الطيبة والحفاظ عليها , ولكنه يبدو حين نظرت إليه فكر أني أعاتبه أو أني استكثرت استعماله لها , فقال " لا دِّير بال أبو , أنا راح أشتري وحدة " وربما بضع كلمات أخرى، وأنا حين سمعت هذا الكلام أسقط في يدي، وبدأت الفكرة السابقة تلح علي وتنادي أني على حق , لم يكن مني إلا أن أعتذر إليه بأن لا مجال لقول مثل هذا الكلام وقلت" هبني احتجت استعمال بعض حاجاتك هل ستمنعني " المهم عدت إلى الكتابة ولكن القلم كان يرتجف في يدي , وتذكرت قصة الأمس حين قال لي: " والله حق تدفع ثمن اللحم هذا الأسبوع أنت "، وملخص القصة أننا الأسبوع الماضي لم نتمكن من شراء لحمة جيدة، فذهبت أنا واشتريت لحمة من غير نظر إلى ماهيتها، ولكن مع ذلك لم تكن رديئة جداً، وتذكرت قصصاً أخرى.
هموم
الأحد 12 مايس 1974 = 20 ربيع الثاني 1394هـ
كان هذا اليوم يوم عمل , فقد أمضيت كل هذا اليوم في البيت أحاول أن أكمل استنساخ بحث الأصوات الذي بدأت به يوم أمس , وقد كنت أحاول أن أغرق في هذا العمل حتى أنسى كل شيء مما يحيط بي من مشاكل , ولم أقف حتى أنهيت البحث في الليل , وإذا بيدي لا تكاد تقوى على مسك القلم , ومع هذا التعب الجسمي هناك تعب بل أتعاب نفسية قديمة وجديدة منذ يوم أمس وما حدث مع الأخ خليل فقد انطوى اليوم كل على نفسه لا بل انطويت أنا على نفسي أما هو فقد كان يتحدث إلى الشغالة , لا أدري متى يتم وضع حد لهذه الأتعاب التي يكاد يخلقها الأخ خليل خلقاً , فأنا إذا ما أخطأت خطأ صغيراً أو عملت عملاً لا يعجبه فهو يثور، وبدأ الحقائق المخيبة للآمال تنكشف لي، والحقيقة الأولى التي أدعو الله أن أكون مخطئاً في تصورها , حقيقة العلاقة بنا أنها بدت لي مادية مئة في المئة، أنا أسكن مع خليل وهو يسكن معي لأننا نحاول أن نخفف من الأتعاب المالية على كل منا , وليس بعد ذلك من رابطة إلا هذه الرابطة , كان هناك صديق لخليل اسمه هاشم كان في دورة في القاهرة كان يسكن مع مسيحي يعمل معه، وأنا أقدر أن علاقتي بخليل – وأستغفر الله – لا تختلف كثيراً عن علاقة هاشم بصاحبه، بل ربما كانوا أكثر تسامحاً , وتمنيت لو أن الأمور توقفت عند هذا الحد , أخشى أنها تتدهور إلى أبعد وتطغى على الأهداف التي جئت من أجلها إلى القاهرة.
مناقشة بحوث
الاثنين 13 مايس 1974 = 21 ربيع الثاني 1394هـ
في الصباح مكثت في البيت حتى ما بعد العاشرة والنصف، ثم ذهبت إلى مكتبة المركز البريطاني القريبة منا، فقد كان الدكتور محمد سالم الجرح قد وعدني أن نلتقي هناك وأجلب معي البحث الخاص بالأبجدية حتى ينظر فيه , ويبدي ملاحظاته , وبعد أن سلمته البحث خرجنا من المكتبة أنا عدت إلى البيت وهو ذهب إلى بيتهم القريب أيضاً في 15 شارع المنتصر، المتفرع من الشارع الموازي لشارع النيل , ومكثت مرة أخرى برهة وجيزة في البيت ثم ذهبت إلى الكلية على أساس أن لدينا محاضرة عند الدكتور بشر، كنت رأيته يوم السبت الماضي وقال إن المحاضرة صارت يوم الاثنين , وجئت إلى الكلية اليوم , وكعادته كان مشغولاً , وأخيراً دخلت إلى مكتب
¥