ولعل السؤال المهم هو لماذا اختارها عمر دون غيرها؟ .. ليعرضها مختبراً على أشياخ بدر ..
وقد أحاول الإجابة:
الغرض: إعلام بأجل الرسول صلى الله عليه وسلم ..
سبب توجيهها إلى النبيء: لأنه أفضل أفراد هذه الأمة ونهاية أجله معلم بارز في منهج الإسوة والتطبيق ..
ولعله سؤال ملحّ عند كثير من الناس من أتباعه وغيرهم الذين لم يروه ولم يسمعوه: (كيف انتهت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وإلى أي مدى كانت عناية الله تعالى بنبيئه الأمين في حياته ومماته).
المطلوب: إذا بدت لك بوادر انتهاء مهمتك فلا يفوتنك أن تكون نهاية أجلك في أفضل أحوالك مع ربك الأعلى لتكون أفضل من عاش لله ومات لله.
العلاقة بين النصر والفتح وانتشار الدعوة .. والتسبيح والحمد والاستغفار والتوبة: الربط بين التوفيق الإلهي للعبد .. وانقطاع العبد لربه في كل شؤونه.
موقع سورة النصر في ترتيب المصحف مع الاستفادة من هذا البعد:
سورة النصر تقع بين الكافرون والمسد.
سورة الكافرون سورة الولاء والبراء في أوضح صيغه .. وبعدها مثالان للموالي لله (النصر) ثم المعادي له (المسد).
سورة النصر فيها صورة من أوضح الصور على تولي الله لعبده الصالح حتى النهاية.
وسورة المسد فيها صورة من أوضح الصور على براء الله من عبده الفاسد حتى النهاية.
والعجيب أن هذه السور من خواتيم المصحف.
والعجيب الآخر أنها سور متباعدة التنزل فالكافرون والمسد مكيتان .. والنصر آخر ما نزل من السور.
وأظن أن سبب اختيار عمر لهذه السورة الكريمة أنها كانت آخر السور نزولاً .. وجميع الصحابة عاصروا نزولها .. وهم في هذا الامتحان ذوو فرص متكافئة سواء بسواء .. وتحقق الأفضلية بينهم في معرفة علوم السورة لا يخفى حينئذ ..
الانطباع العام من سماع السورة: احترام غامر من الإنسانية لهذا الرسول الأمين وهو يطوي صفحة أجله وهو يلهج بالتسبيح والحمد والاستغفار والتوبة .. وقبل ذلك وهو يفتح مكة مطرقاً في تواضع منطع النظير .. لا أهواء ولا شهوات ولا أغراض شخصية ..
والله أعلم.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Feb 2010, 08:44 ص]ـ
كلام جميل يا عصام
وفقك الله
ـ[أبو علي]ــــــــ[19 Feb 2010, 10:36 ص]ـ
2 - قوله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهراً) [الأحقاف: 15]، وقوله: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) [البقرة: 233] (3).
استنبط منها علي وابن عباس رضي الله عنهم أن المرأة قد تلدُ لستة أشهر (4).
قال ابن كثير (ت:772هـ): " وهو استنباط قويٌّ وصحيح " (5).
.
السلام عليكم
لي استنباط آخر يختلف عما استنبطه ابن عباس وعلي رضي الله عنهم.
قال تعالي:
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ...
الآية تتكلم عن الإنسان مطلقا (أي إنسان) يولد من أم باستثناء آدم الذي لم يولد من أم، والمسيح عليه السلام إنسان،فهو كأي إنسان حمله وفصاله ثلاثون شهرا، وبما أن مدة الرضاعة فصلها القرءان في آية أخرى، قال تعالى:
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ...
فإن مدة الحمل تساوي: 30 شهر ناقص عامين = 6 أشهر.
هل نفهم من الآية أن مدة حمل أي إنسان هي 6 شهور وليس 9؟
نعم، فالآية لا تتكلم عن المرحلة الأولى لخلق الإنسان في بطن أمه والتي تستغرق مدة 3 أشهر، ففي هذه المدة لم يكن للإنسان وجود إلا مني صار علقة ثم مضغة ثم غظاريف أو عظام كسيت بعد ذلك لحما،
لا يصح أن نطلق على مجموعة عظام ولحم اسم (إنسان)، فالإنسان جسم فيه روح، إذا صار هذا الكائن حي بالروح عندئذ فهو إنسان يصح أن نتكلم عنه باسمه (إنسان) أو بالضمير المتصل في آخر الكلمات التالية: (حَمَلَتْهُ)، (أُمُّهُ)، (حَمْلُهُ)، (فِصَالُهُ).
إذا مرت جنازة أمامنا ورجال يحملون نعشا فإننا لا نقول: إنهم يحملون فلانا بل نقول: إنهم يحملون جثة فلان، أو جسد فلان، فالإنسان جسد وروح، إذا غادرت الروح الجسد فإن الجسد وحده لا يصح أن يسمى إنسانا.
إذا مرت أمامك شاحنة تحمل كل المواد التي تصنع منها السيارة (حديد، قصدير، زجاج، كاوتش ... ) فإنك لا تقول لي إن الشاحنة تحمل سيارة، كذلك مدة ال3 شهور الأولى، أما بعدها فالحال يتغير،يصبح إنسانا يحيى بالروح.
المسيح عليه السلام لم يمر بمرحلة الخلق الذي مر بها خلق أي إنسان وهي (3 أشهر)، فنفخ الروح نتج عنها حياة جنين في حينها وبعد ذلك أخذ نفس الزمن الذي ينمو فيه أي إنسان جنين (6 أشهر).
وبما أن المسيح آية للناس فهو آية لهم في كل مراحل حياته وآية لهم في موته أيضا.
أما حمل أمه له 6 شهور في بطنها فآية لنا في أنفسنا، فنحن بعد أن نفخ فينا الروح ونحن أجنة خرجنا إلى الوجود بعد 6 شهور أميين لا نعلم شيئا فتعلمنا بالقراءة (ترديد ما يسمع، وترديد ما يرى مكتوبا بالقلم).
هذا هو الإنسان، والله تعالى إذا أراد أن يضرب للناس هذا المثل من الواقع فإن وحدة قياس الزمن للأمم هي القرن، فما بين نفخ الروح في الجنين إلى أن يولد يعبر عنها للناس بالقرون، أي أنه بعد ستة قرون من مجيء الروح (المسيح) سيخرج إلى الوجود (يولد) أميا فيتعلم (محمد). وهكذا نرى ذلك وقع فعلا، فما بين المسيح ومحمد عليهما السلام ستة قرون (600 سنة).
¥