تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شكوى ابن مكتوم كانت قبل اكتمال تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للآية" وهو الأرجح":

هنالك روايات كثيرة تؤكد بصورة صريحة أن ابن مكتوم شكا قبل اكتمال تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للآية فقد جاء في النسائي عن البراء قال: (لما أنزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" جاء بن أم مكتوم وكان أعمى فقال يا رسول الله فكيف وأنا أعمى قال فما برح حتى نزلت غير أولي الضرر)

وجاء في الترمذي (عن البراء بن عازب قال: لما نزلت: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" جاء عمرو بن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال وكان ضرير البصر فقال يا رسول الله ما تأمرني؟ إني ضرير البصر؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية "غير أولي الضرر" الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة

وفي الدارمي وابن حبان قريبا من ذلك

وفي البخاري (عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله عنه يقول: لما نزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فجاء بكتف فكتبها وشكا ابن أم مكتوم ضرارته فنزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر")

وفي مسلم عن أَُبي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) كَلَّمَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَنَزَلَتْ (غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ)

وفي مسند أبي عوانة (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) أتى ابن أم مكتوم النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت (غير أولي الضرر)

ومما يؤكد أيضا أن الشكوى كانت قبل اكتمال الآية ما في النسائي (فما برح حتى نزلت)

وفي البيهقي (فما قضى ابن أم مكتوم كلامه)

وفي مسند أحمد (قال زيد فوالله ما مضى كلامه)

وفي مسند أبي عوانة أنه جاء فحسب دون أن يتكلم

وكل ذلك يؤكد أن ابن مكتوم سمع الجزء الأول من الآية فشكا فنزل باقيها وهو في مكانه وليس معنى ذلك أنها نزلت لأجل شكواه، وعبد الله بن أم مكتوم رجل قرشي فصيح بليغ أعمى يعتمد على السمع ويعرف كيف يكون نظم الكلام البليغ المتماسك فإذا سمع قائلا يقول (ليس واحدا القاعدون ....... ) عرف أن تمام الكلام (وغير القاعدين) وهذا يسير على من هو مثله ومن هو أدنى منه بكثير.

ويقع من الصحابة مثل ما وقع لابن أم مكتوم من توقع المعنى؛ بل وأكثر من ذلك؛ إذ أتم عمر بن الخطاب جزءا من آية بلفظها قبل تمامها وذلك لجودة سبك القرآن؛ إذ روي عنه أنه لما سمع صدر الآية (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) إلى قوله: (خَلْقًا آخَرَ) قال عمر: (فتبارك الله أحسن الخالقين) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا أنزلت

وهذه الرواية رغم أنها تذكر عن عمر وغيره إلا أنها تدل على معرفة الصحابة بانسجام القرآن وتماسكه، وعبارة: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) شديدة الارتباط بما ذكر قبلها من مراحل تطور الجنين، ويسمى ذلك في البلاغة بالتوشيح؛ وهو أن يكون أول الكلام نفسه يدل على آخره ويعلم هذا الآخر قبل ذكره؛ فينزل المعنى عندئذ منزلة الوشاح، ويسمى أيضاً بالمطمع.

ولهذا فإن عبد الله بن أم مكتوم قد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع قوله تعالى:

(لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)

فعلم أن تمام المعنى:

"وغير القاعدين من المؤمنين"

فشكا فمضى النبي صلى الله عليه وسلم في تلاوته فقال (غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) أي أنه لم يكمل الآية عندما شكا ابن أم مكتوم

ولهذا جاءت رواية البراء في مسند ابن الجعد وفيها بقية الآية قبل الشكوى بشكل غير يقيني عنده: (فقال اكتب "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" أحسبه قال "والمجاهدون" قال فقال بن أم مكتوم .......... )

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير