تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الساعة هي تلك الآلة الصغيرة أو الكبيرة التي نُقَسِّمُ بها اليوم إلى أربعة وعشرين جزءاً , وهي الآن منتشرة انتشاراً كبيراً بين الناس حتى الفقراء يطمحون إلى تعليق الساعة بأيديهم كأنما صارت حاجة حياتية ضرورية، والساعات أنواع فمنها ما يعلق باليد، ومنها ما يخفى في الجيب، ومنها ما يوضع على المنضدة، ومنها ما يعلق على جدران البيوت والمحلات , ومنها ما يعلق برؤوس الأبراج، ومنها ما يبسط على وجه الأرض، الساعات صارت كثيرة الأنواع، ولكن لماذا كل هذه الساعات , هل الساعة نعمة للإنسان أم أنها نقمة؟ لابد أنها نعمة إذ لولا أنها كذلك لما كان هذا شأن انتشارها , فقد أصبح الناس يعدون حياتهم بالثواني , الاستيقاظ الساعة الفلانية، والفطور الساعة الفلانية، صلاة الفجر الساعة الفلانية، والشروق الساعة الفلانية، نهاية العمل الساعة كذا، والخروج للفسحة الساعة كذا، والعودة مساءً .. والنوم .. كل الأعمال أضحت مرتبطة بالساعة , وخير شاهد على ذلك أني كدت أفقد توازني لما فقدت ساعتي توازنها، وكثيرا ما ظللت في حيرة من أمري، فساعتي منذ أيام أخذت تخلط في عملها مرة تقف وأخرى تسرع، وأنا بين هذا وذاك موزع، أحاول أن أتبين الوقت الصحيح لعلي أنجز الأعمال على ضوء ذلك، فقد جعلت وقتي خاصة وأنا في هذه اللحظات الحرجة من وجودي في القاهرة في أيام الإعداد للامتحان جعلت اليوم أقساماً، أبدأ الدراسة في الثامنة صباحاً وأستمر مع فترة راحة حتى الواحدة، ثم انقطع إلى الساعة الخامسة لأبدأ حتى الغروب، وفي الليل أقرأ ساعة أو ساعتين .. ومنها أوقات الصلاة لم أعد أضبطها .. الساعة ضرورة الآن، رغم أنها تَعُدُّ علينا أعمارنا.

مذكرات شهر حزيران 1974م

إذا كنتُ قد وقفت عند نهاية شهر حزيران اليوم فإن نفسي تتوق بفارغ الصبر إلى نهاية شهر تموز، إن جعل الله فسحة في العمر، حتى أصل نهاية هذا الشهر , فقد قضيت الشهر المنقضي حزيران في عناء مع الكتب هي ليست كثيرة ولكن مادتها تبدو مستعصية، كنت طوال هذا الشهر أحاول أن أركز الجهود لدراسة المحاضرات في المواد الأربع، ولكن يبدو أني لم أحقق شيئاً ذا بال , وبدا لي أن المحاضرات المطلوبة قد تعقدت أكثر عندما أضاف د. بشر البحوث الثمانية إلى مادة الامتحان، وضقت بكل هذا، وخلال هذا الشهر استجدت علي ظاهرة مؤذية وهي أني فقدت النوم وقت الظهيرة، ذلك النوم المريح المهدئ للأتعاب، المنشط لعمل الليل، فصرت أقضي ساعات الظهيرة في دوامة من الأفكار بين أمل النجاح في الامتحان وبين مرارة الفشل، ولاشك أني سألقى، وأستجير بالله , سألقى متاعب لا تقل عن متاعب شهر حزيران في شهر تموز الذي أحب أن أسميه الشهر " الأعسر " الحقيقة أنني في لحظات أتفاءل كثيراً وأقول إنني إن شاء الله سأجتاز الامتحان بسهولة، ولكن هذه اللحظات مجرد برق غمام تزول ليحل محلها الألم والهم، ماذا لو فشلت إذن سيترك ذلك الفشل في قلبي جرحاً لن تدمله السنون، فأنا الذي جئت من العراق وتركت قرب الأهل ونعيم الحياة جئت لأحيى في القاهرة حياة الجدب ثم أرجع بعد كل ذلك خائباً؟ ولكني إن شاء الله سأبذل الجهد المستطاع، رغم كل الهموم، لعل الله قد كتب لي النجاح.

ساعة جديدة

الاثنين 1 تموز 1974م = 11 جمادى الآخرة 1394هـ

في يوم 27/ 6/1971 حضرت احتفال التخرج الذي أقيم لمتخرجي جامعة الموصل للعام الجامعي 1970 - 1971، وكان ما كان من تفوقي وحصولي على تسلسل الأول في كلية الآداب، والحمد لله، وحصلت على ساعة هدية من رئيس الجمهورية، مكتوب عليها ذلك , صناعة سويسرية، وساعة أخرى وقلمين، ومنذ أن استلمتها كانت تبدو عليلة , لا شك أنها من نوع جيد، ولكن فيها علة خفية فكانت تقف عن العمل بين فترة وأخرى، وكنت أذهب بها إلى بعض المصلحين فيصلحونها تصليحاً خفيفاً لكي تعود إلى عادتها، وفي الفترة الأخيرة ازداد مرضها، فأخذت تقف كل يوم أكثر من مرة فسبب لي ذلك بعض المضايقات، وذهبت بها إلى مصلح القاهرة، ولكنه طلب أن تبقى عنده ثمانية أيام، وأجرة التصليح جنيهان , ولكني خشيت من هذه المدة الطويلة، وخاصة أني أسمع أن من الممكن أن يفك المصلح بعض الأجزاء ويبدلها بأخرى، وترددت في تسليمه إياها، وعدت إلى البيت فقلت لماذا لا أفتحها وأغسلها بالبنزين،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير