لفظ "التفسير" لم يرد في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع في سورة الفرقان، في قول الله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} [الفرقان:33]، ومعناه هنا البيان والتفصيل والإيضاح - كما قاله المفسرون-، ومعنى الآية: ولا يأتيك يا محمد هؤلاء المشركون بمثل يضربونه لمعارضة الحق وإبطال أمرك، إلا جئناك بالحق، وأحسن تفسير وبيان وتفصيل يذهب اعتراضهم ويبطل شبهتهم.
فالتفسير هنا من الله تعالى، وهو بيان الحق وتفصيله حتى لا يكون بعده إلا الضلال.
وأما التفسير الذي هو علم يبحث من خلاله في بيان معاني القرآن فهو من المفسر، الذي يبين المراد من القرآن حسب طاقته البشرية.
فالتفسير من الله تعالى بيان وتفصيل وإيضاح لا شك في صدقه، ولا بد من قبوله؛ فهوكما قال الله: {أحسن تفسيراً}.
وآية الفرقان تقرر حقيقة قرآتية قاطعة، وهي أن الأدلة والبراهين والحجج والحقائق القرآنية هي أحسن تفسيراً وبياناً وعرضاً وتوضيحاً، وهي الكفيلة بدحض الأباطيل والشبهات التي يوردها الكفار والمبطلون.
وعلى هذا؛ يكون جواب سؤالك عن التفسير المعروف: هل هو التفسير الوارد في الآية؟
نعم؛ هو من حيث المعنى اللغوي، أما من حيث المراد منه، فلا؛ لأن التفسير في الآية هو تفسير من الله تعالى، والتفسير المصطلح عليه تفسير لكلام الله تعالى صادر من مصادر التفسير المعروفة، فقد يكون من الله تعالى، وقد يكون من الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد يكون من الصحابة فمن بعدهم.
جواب السؤال الثاني:
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] المقصود بالبيان هنا واضح، وهو يحتمل معنيين: بيانه بقراءته وتعليمه للناس، وبيانه بتبيين معانيه وتفسير مشكله.
وهذا الأمر واضح ولله الحمد، وفي أسئلتك عن هذه الواضحات غرابة.
وفقنا الله لما يحب ويرضى، ورزقنا حسن الفهم والتدبر لكتابه العظيم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Mar 2010, 10:08 ص]ـ
المراد بالغسل
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .. }
أمر الله تعالى بغسل الوجه واليدين إلى المرافق، والرجلين إلى الكعبين. فما المراد بالغسل؟ وهل يكتفى فيه بإسالة الماء على العضو؟ أم لا بد مع ذلك من الدلك؟
قال الشوكاني في فتح القدير: (وقد اختلف أهل العلم أيضاً: هل يعتبر في الغسل الدلك باليد أم يكفي إمرار الماء؟ والخلاف في ذلك معروف، والمرجع اللغة العربية، فإن ثبت فيها أن الدلك داخل في مسمى الغسل، كان معتبراً وإلا فلا. قال في شمس العلوم: غسل الشيء غسلاً إذا أجرى عليه الماء ودلكه. انتهى.)
وظاهر من كلام الشوكاني هنا أنه لا بد من الدلك عن الغسل، لأن جعل المرجع في هذه المسألة هو معنى الغسل في اللغة؛ فإذا كان الدلك داخلاً في الغسل فلا بد منه، ثم نقل من كتاب شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم لنشوان الحميري (ت: 573هـ) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=152792) ما يدل على دخول الدلك في معنى الغسل.
وبعد الرجوع إلى بعض مراجع اللغة الأصيلة ظهر لي أن الغسل يكون بإزالة الدرن وبتنظيف الشيء وتنقيته. ولم يرد ذكر الدلك.
جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس:
(الغين والسين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تطهيرِ الشّيء وتنقِيَته. يقال: غَسَلتُ الشَّيءَ غَسْلاً. والغُسْل الاسم ... )
وفي مفردات ألفاظ القرآن للأصبهاني: (غَسَلْتُ الشيء غَسْلًا: أَسَلْتُ عليه الماءَ فأَزَلْتُ دَرَنَهُ، والْغَسْلُ الاسم، والْغِسْلُ: ما يُغْسَلُ به. قال تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ... } [المائدة / 6]).
وقد اختلف الفقهاء في المجزئ من الغسل في الوضوء، فذهب الجمهور: (الحنفية، والشافعية والحنابلة) أنه يكفي في غسل الأعضاء في الوضوء جريان الماء على الأعضاء، ولا يشترط الدلك، وانفرد مالك والمزني باشتراطه. انظر الموسوعة الفقهية الكويتية - (43/ 333).
وبناء على ما سبق، يقال:
أولاً - الغسل في اللغة لا يقتضي الدلك.
¥