تعالى ولا رسوله ويخالف الذوق الفطري وصريح النظر.
لكننا اليوم نسأل الله العفو عن كل من زلت قدمه في المسألة ونعوذ به أن نقفو ما ليس لنا به علم.
فقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
"والصحيح أن القرآن حادث؛ يتكلم الله به حين إنزاله، فيتلقاه جبريل فيأتي به النبي صلى الله عليه وسلم ....
وهذا في القرآن صريح، قال تعالى: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ) (الأنبياء: الآية2).
وقد أَوَّلَ من يقول إن القرآن قديم. قوله: (مُحْدَثٍ) بأنه محدث إنزاله، وهذا تحريف؛ لأن (محدث) اسم مفعول، ونائب الفاعل فيه يعود
على الذكر لا على الإنزال، فقوله تعالى: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) هو: أي الذكر، فصرفُ الضمير إلى غير الذكر تحريف "
كلام من ذهب يعيد الأمور إلى نصابها ويخلّص الناس من وهم كبير استمر ألف سنة.
أما إيراد الأخ محمد براء للنصوص أعلاه فلا ردّ فيها على كلام الشيخ لما يأتي
- أنها متأوَّلة لا قطعية في مخالفة المعنى
- أن بعضها ظني الثبوت
وكثير من الأقوال في كتب أهل المئة الرابعة والخامسة ظنية وكثير منها منحول
فقد نسب الأشعري إلى ابن عباس تفسير قوله تعالى "غير ذي عوج" قال غير مخلوق!!
وقد وجِد من يصدق مثل هذا!!!
- أن كون كثير من العلماء قد توهم ما توهمه شيوخه أمر معروف لا ينكر، ولكن لا حجة فيه. لأن شدة المعارضة للتيار القائل بأنه مخلوق
قد جعلت الناس تصفق على قول لا يعلمون حقيقته، فهو أشبه بمرض "هستيريا الجموع" لكنها ههنا ثقافية لا سياسية.
- القرآن نص لغوي تنزيل من رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين بلسان عربي مبين
ولو ثبت أنه مكتوب في اللوح المحفوظ فهل اللوح المحفوظ قديم؟!
فالقول الصواب في القرآن أنه كلام الله تعالى وأنه لا يجوز وصفه بمخلوق لأنه وصف لم يرد به نص/ كما لا يجوز اعتقاد أنه "غير مخلوق"
لأنه "قفوٌ لما ليس للقائل به علم" ولأنه ينافي صريح المعقول، فكيف يكون اسم زيد (ولما قضى زيد منها وطرا) أزليا قديما؟؟! وكيف تكون
كنية (أبي لهب) أزلية قديمة. وكيف تكون العربية غير مخلوقة ونحن نعلم أن اللغات كلها مخلوقة. والله تعالى قد نهى المؤمن أن يقفو ما ليس له به علم.
إنّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا.
أقول: صدور مثل هذا الكلام من شيخ كابن عثيمين رحمه الله دليل على أن في الأمة علماء قد نبذوا التقليد وتمسكوا بما يعتقدون أنه الحق
/ والحمد لله على نعمائه. لأن تطاول الزمان قد أكسب الوهم قوة، جعلت حتى مترجمي القرآن إلى اللغات الأخرى يضعون كلمة " NOT CREATED"
في تعريفه رغم أنها (لفظ بلا معنى) أو (بمعنى لا سلطان فيه من الله). ولا يبين الصواب فيها إلا من اتبع المعصوم على بصيرة
كالشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
ولله الحمد والمنة.
وقد سبق لأقلهم بضاعة أن بين في هذا المنتدى المبارك ما يعوذ بالله من خلافه، هنا ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=14427)
ورب قائل يقول ما فائدة إزالة الغبار عن هذه المسألة اليوم!
فالجواب أن في ذلك خيرا عظيما هو كالتالي
- أن فهم المسألة على حقيقتها خصوصا بعد إدراك الأسباب التاريخية للفتنة يجعل المسلم يتصالح مع كثير من العلماء الذين اتهموا بالاعتزال لتبنيهم خلاف
ما شاع بين الناس لفترة من الزمن.
- إن فهم المسألة يردم الهوة بين الزيدية وبين أهل السنة لأن المسألة ما تزال تتسبب في إراقة حبر كثير.
- إن فهم المسألة يحرر المسلم من التعصب للآراء لمجرد التعصب، ولعل كثبرا من المسائل التي يشتجر فيها الناس إنما هي تاريخية لا غير.
- تفيدنا المصالحة مع التاريخ في أن نكتسب قوة إزاء أهل الأهواء الحقيقيين الذين استقلوا عن الأمة منذ القرن الرابع الهجري ولاذوا بتراجيديا الحسين
ليعبروا عن كره من أسقط دولة الفرس وطردهم من التاريخ.
-إن بيان الحق واجب على من اعتقده على أن لا يفرط في حقوق المسلمين عليه، مما نعوذ بالله منه.
والله الموفق
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 Feb 2010, 12:12 ص]ـ
إن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه:
(إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) سورة النحل (40)
(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) سورة يس (82)
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) سورة الأعراف (54)
والآيات واضحة في الفرق بين الأمر وهو "كلام الله" والخلق الذي هو أثر كلامه.
وليس هناك إلا مخلوق أو غير مخلوق ولا واسطة بينهما.
وأما وصف محدث في آية سورة الأنبياء فهو وصف للذكر وليس وصفا للنزول لأن النزول لا أحد يستمع إليه وإنما يستمع للذكر الذي تكلم الله به وسمعه منه جبريل عليه السلام وقام جبريل بتبليغه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجبريل عليه السلام لا ينزل إلا بأمر الله تعالى:
(وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) سورة مريم (64).
¥