ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[26 Feb 2010, 05:33 م]ـ
كل هذه الأحاديث التي ذكرت ليست صريحة في الدلالة على المقارنة التي ذهبت إليها.
وصريح قوله تعالى: "وما فعلته عن أمري" لا يمكن أن يعارض بهذه الأحاديث.
والمسائل التي وقعت من الخضر عليه الصلاة والسلام لا يمكن القدوم عليها إلا عن طريق الوحي.
ومسألة نبوة الخضر منهوكة بحثا في كتب التفسير، فإن كنت تقول إنه ليس نبيا فهذه نقطة الخلاف؛ فاعرض ما عندك من الأدلة بصفة مختصرة معددة على ذلك، حتى يفيدنا المشاركون في الاعتراض على تلك الأدلة، وتجيب أنت على تلك الاعتراضات، وهكذا حتى نتوصل إلى الحق في المسألة.
وإن شئت عرضت الأدلة على نبوته من كتب التفسير، ومن ثم تعترض عليها، ويجيبك المشاركون، وهكذا.
وكل ذلك بغية الوصول إلى الحق، وضبط الأمور حتى لا تتشعب بما لا فائدة فيه.
وفقك الله لكل خير.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[26 Feb 2010, 07:13 م]ـ
السلام عليكم
أود التنبيه على ما نبه إليه بعض الإخوة المشاركين بشأن أرجحية نبوءة موسى والخضر عليهما السلام في ذلك اللقاء الرباني العجيب:
1) نبوءة موسى عليه السلام:
قال تعالى: (ولما بلغ أشده واستوى أتيناه حُكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين).
هذه الآية من سورة القصص تبين أن أمراً ربانياً جرى في مسار حياة نبيء الله موسى عليه السلام .. وهو قبل هجرته.
والأرجح أن الحُكم الذي أوتيه آنئذٍ بعد بلوغه الأشد هو النبوءة .. كما نقل الأخ إبراهيم الحسني.
فإذا لم تكن النبوءة فتكون ماذا؟.
وأما الرسالة فعند الشجرة المبارك .. كما لا يخفى.
وقد نبئ النبيء محمد صلى الله عليه وسلم بـ (اقرأ) وأرسل (بالمدثر) .. وكان بينهما فترة الوحي .. وهذه من سنة الله.
أفلا يكون موسى نُبّئ قبل هجرته إلى مدين .. وأرسل حين أقبل إلى مصر؟.
ونحن نؤمن أن دائرة الولاية الإيمانية أوسع من النبوءة وهما أوسع من الرسالة .. فكل رسول نبيء ولي صالح .. وليس كل نبيء أو ولي رسولاً .. وهكذا ..
وأظن أن إنكار من أنكر نبوءة موسى قبل الهجرة من مصر كان من باب طرد العصمة من الخطأ في حياتهم بعد البعثة .. وهو قول عقلي يحتاج إلى تحقيق هو أيضاً ...
2) نبوءة الخضر أو العبد الصالح في هذه القصة:
وقال تعالى: (فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً).
هذه الآية من سورة الكهف تبين أمراً ربانياً (آتيناه رحمة من عندنا ... ) لم يصف به الله تعالى عبداً من عباده إلا أن يكون نبيئاً موحى إليه من لدنه.
ثم الأحداث العجيبة التي وقعت بين العبدين الصالحين (موسى والخضر) بعد لقائهما قرب مجمع البحرين لا تستقيم في تصور الإسلام إلا أن تكون أفعالاً من وراء الوحي الإلهي .. وإلا أن يكون موعداً ضربه الله للعبدين الصالحين بعلامات مذكورة لنا في جانب موسى فقط، وهو الذي يهمنا، ونفهم أن الخضر عنده علامات أيضاً (أن يظل عند الصخرة) .. وإلا لتتعلم البشرية من هذا اللقاء قدر البشرية القاصرة في علومها عن العلم الإلهي المحيط بكل شيء ..
الخضر هنا متبع للوحي ولا ريب .. وليس هو هو الوحي الذي نزل على موسى (الشرائع)، وليس هو هو الوحي الذي ألهمه الله تعالى لأم موسى (أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم).
وإنما هو وحي مقتضاه تنفيذ أمور قدرية من حكمة الله .. لا ينظر إليها موسى عليه السلام إلا منكراً أو معترضاً ..
أليس هذا وحياً تفصيلياً من أمر الله تعالى .. أليست هذه نبوءة؟.
والمطالِب هنا بدليل حرفي يقول بالحرف: إن الخضر نبيء مثل نبوءة موسى .. من بين الآيات .. فهذه مطالبة ظاهرية نصية يغني عنها السياق الظاهر وأحداثه الجلية .. ولن تجدي محاولات البحث الحرفي طائلاً في هذا .. وكم تصدى للبحث عنها الأفذاذ .. (لم يذكر اسم الخضر هنا في سياق هذه الآيات وإنما هو عبد صالح).
وقارن بين ذكر العبد في قصة موسى في الكهف هنا وبين ذكر العبد أول سورة الكهف: (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب).
وهذا يذكر كثيراً في الأنبئاء عليهم السلام: (واذكر عبادنا).
نفي الحق يستلزم ظهور الباطل، وقد حصل من نفي نبوءة الخضر في هذا السياق أن ظهرت نظريات باطنية باطلة مفادها أشياء تخالف شرعة الله وكتبه السماوية وآثار أنبئائه وأوليائه هي والله أشبه بالأساطير والخرافات والصحون الطائرة: أن هناك حكومات خفية وأوتاداً وأقطاباً وأولياء وصوفية وثنية .. وأن قوى الأولياء هي أعتى علماً وقوة من النبيئين وأمهر تصرفاً في الكون والحقائق من كل أحد ..
وصار أمره المختلف يدرس وينظم على أنه خلاف ينبغي أن يحفظ ولا مجال فيه للتحرير ولا النقاش ولا الزيادة ..
والخلف في الخضر شهير منجلي .. أمرسل أم لا؟. وقيل: بل ولي.
وقد ترى لبعض من لا خلاق له: من يصف موسى النبيء الكريم بأنه يذهب ليتعلم ممن مخضته تجارب الحياة وفاضت عليه معارف الولاية ..
وهي أمور ليس لها محل من الإعراب في سياق الإسلام الصحيح، ولا وجود لها على رقعة خارطته الربانية، وهي من نتائج ذلك القول المرتبك: أن الخضر ليس نبيئاً ..
ومن قوانين النبوءة: (إن أتبع إلا ما يوحى إليّ).
ونظيرها في قصة الخضر عليه السلام: (وما فعلته عن أمري).
ومن القوانين أن النبوءة منضبطة المصدر والغاية والمهمة ..
يجب أن نسأل كيف فهم الخضر عليه السلام تلك الغيوب المطوية عن جميع البشر ومنهم موسى الكليم عليه السلام وأن عليه أن يتفذ فيها أحكام الله القدرية .. أن عليه أن يخرق السفينة .. وأن يقتل الطفل .. وأن يقيم جداراً تحته كنز الجد السابع .. لأن وارثه طفلان يتيمان .. إنه وحى يوحى إليه!! ..
وإذا ظهر أنه وحي فلم يبقَ إلا التسليم بأنه نبيء.
وإلا .. سلام على العقل والفكر والفطنة ..
ولا كذلك الولاية .. وإنما ضابطها الشهير والمعروف .. هو المتابعة للنبوءة والإخلاص في ذلك.
وقولي صواب يحتمل الخطأ.
والله الموفق.
¥