تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما فوائد أجزاء القصة فلا إشكال فيها، ومحل الكلام عنها بحث آخر.

وقد ورد مثلاً قوله صلى الله عليه وسلم، فيمن سأل عن قتل الصبيان: إذا كنت تعلم من الصبيان ما يعلم الخضر منهم (يعني أمؤمنون هو أم كفار) فاقتلهم؛ أو نحواً من هذا .. فرجعنا إلى مصدر تلقي الخضر .. لأن علة الحكم معلقة به.

ثم إننا لسنا مطالبين بظاهر القرآن فقط .. بل امتدح الله تعالى: (الذين يستنبطونه منهم) .. أليس الاستنباط يكون فيما لا نص فيه؟.

الله تعالى لا يصرح دائماً، بل قد يلمح، لأغراض لا تخفى على دارس للكتاب العزيز .. وكل ذلك (ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) ..

ولأن كتاب الله محكم .. ومتشابهاته تخفى حيناً حتى إذا رُدت إلى المحكمات .. انقلبت محكمات أيضاً ..

وفي صحيح ابن حبان، قال:

أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة أراد به على الفطرة التي فطره الله عليها جل وعلا يوم أخرجهم من صلب آدم؛ لقوله جل وعلا: (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)؛ يقول: لا تبديل لتلك الخلقة التي خلقهم لها إما لجنة وإما لنار؛ حيث أخرجهم من صلب آدم، فقال هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار.

ألا ترى أن غلام الخضر - قال صلى الله عليه وسلم - طبعه الله يوم طبعه كافرا وهو بين أبوين مؤمنين.

فأعلم الله ذلك عبده الخضر ولم يعلم ذلك كليمه موسى صلى الله عليه وسلم.

على ما ذكرنا في غير موضع من كتبنا".

والسؤال المتكرر للإخوة الذين لا يقولون بنبوة الخضر: ما نوع هذا التعليم الذي تلقاه الخضر؟ ..

واقتراحهم (التحديث): (بمعنى الإلهام) تحكّم، وخاصة أن غالب أفعال الخضر هنا (اثنان من ثلاثة) أفعال مخالفة لشريعة موسى، بل لكل الشرائع، وقد كان عمر رضي الله عنه (المحدث) يتكلم بالكلام، فيوافق الله تعالى في التنزيل والتأويل، ونفهم أن المحدث موافق للشريعة وليس مخالفاً كغالب مخالفة الخضر لشريعة موسى ..

ثم اختيارهم للتحديث لا نصّ عليه في هذه القصة بعينها .. هل ورد أن الخضر من المحدَّثين؟ ..

وما داموا اختاروا وصفاً شرعياً للخضر من غير نصّ كنص تحديث عمر، فلماذا لا يقولون بالمفهوم ذاته بأنه نبيء.

ومن المرجحات اختيار القول الذي تشهد له القرائن، وتقل معه اللوازم الفاسدة.

ومن هذا:

أن الخضر قال في أول تنبئه أو نبوءتهلموسى: (هذا فراق بيني وبيني، سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً) ..

أفينبئ عن الغيب، وفي حضرة نبيء كليم، وليس بنبيء؟.

براءة بين تأويلين:

قال في أول النبوءة: هذا فراق بيني وبينك. سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صيراً).

وقال في آخر النبوءة (وما فعلته عن أمري. ذلك التأويل) ..

كيف جاءت (وما فعلته عن أمري) بين التأويلين؟.

لماذا كرر التأويل مرتين هنا (سأنبئك بتأويل) و (ذلك تأويل)؟. لم أرهما (النبأ/ التأويل) اجتمعا معاً في سياق إلا مع نبيء الله يوسف عليه السلام (نبّئنا بتأويله).

ما الضمير في (فعلته).

الضمير في (فعلته) إما إن يكون راجعاً إلى (ما) الموصولة، وهي تفيد (الأفعال الثلاثة: الخرق/ القتل/ البناء)، أو إلى التأويل في قوله (سأنبئك بتأويل) .. والمرد واحد في النهاية.

عن: تفيد المجاوزة في دلالتها الأصيلة، أي ليس هذا العلم أو التأويل صادراً عن علمي الذاتي.

لماذا قال لموسى: (وكيف تصبر على ما لم تحط به خُبراً) .. ثم هو هنا ينبئه؟.

ولعلنا نطلب من الإخوة ممن فتح الله تعالى عليه بعلم في هذه المسألة أن يتفضل مشكوراً مدعواً له بظهر الغيب.

والله الموفق.

ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[01 Mar 2010, 02:51 م]ـ

مع اقتناعي بأن الخضر نبي إلا أنني أوافق الأخ مصطفى بأن الفائدة العائدة قليلة، لأن موسى عليه السلام كلف من الله تعالى باتباع هذا الرجل والتعلم منه كما هو واضح في القصة القرآنية.

وإلى الأخ مصطفى أقول:

ما قام به موسى عليه السلام من استنكار للأعمال السلبية هو عين المطلوب منه، ولكنه لا يلبث أن يتذكر أن الله تعالى هو الذي وجهه ليلقى العبد الصالح. فهو عليه السلام يستنكر ثم يتذكر أن هذا العبد يتصرف عن علم لدني بأمر إلهي. بل إن العبد الصالح اعتبر استنكار موسى عليه السلام هو الأصل:"وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا". من هنا قدوتنا في هذه القصة هو موسى عليه السلام.

القصة تقرّب لنا فهم الحكمة الإلهية التي قد يعز علينا فهمها. وكم من إنسان فتن لأنه لم يدرك الحكمة من وجود الفقير والأعمى والزلازل والأطفال المرضى والأيتام المشردة ... الخ. ونحن مثل الطفل الذي يستنكر موقف الأم والأب لأنه لا يطيق فهم تصرفهما، إلا ان الفرق بين إدراك الأب والطفل محدود ومعدود، وعلم الله وحكمته لا حدود لهما.

أما الغلام فواضح أنه في سن التكليف، ثم هو يمارس الطغيان والكفر بدليل:" فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفرا"، فهو قد شق على الوالدين بطغيانه وكفره ولمّا يبلغ الإرهاق بعد. وهذا يفيد بأن الله تعالى يحفظ أهل الإيمان حتى عندما ينزل بهم المصائب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير