مثلا الغلام كان يمكن أن يموت ولاداعى لقتله لو كان الغرض مجرد ازاحته ... فلما كان القتل .. ولما تدخل هو بالقتل .. وهل الأنبياء هم من يقتلون أم الملوك والحكام .. إذن ما فعل العبد الصالح هو ولابد فى اطار الأسباب التى قدرها الله أن يقوم بها البشر وليس الملائكة ...
ويقرب هذا الفهم .. مقارنة علمه بأسباب ذى القرنين
فإن كانت أسبابه التى أتاه الله إياها خارقة ... لقلنا أن علم العبد الصالح علم خارق
ولما كانت أسبابا عادية ... فعلم العبد الصالح علم عادى ... لانبوة ولاتحديث
والله أعلم
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[02 Mar 2010, 09:43 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
غفر الله تعالى لإخواننا الذين يقولون إن الفائدة قليلة، في أمر من سورة تقرأ في كل جمعة!! مشكّلة ثقافة المسلم وتصوره للحياة والعمل والتخاطب، وقبل ذلك إيمانه بالحكمة والكلمة!!.
وقولك إن سورة الكهف لا تذكر أنبئاء منقوض بذكر نبيء الله موسى بن عمران الكليم (وإذ قال موسى لفتاه) ..
وذكرت في أولها النبيء محمد صلى الله عليه وسلم (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب)، وفي آخرها (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي).
ولعلك ذهبت في هذا إلى مأخذ نوف البكالي الشامي وغيره ممن أنكر أن يكون موسى الخضر هو موسى بن عمران وهو الذي رد عليه ابن عباس به في حديثه ..
والظاهر أن نفي هذه النبوءة سيضطر أصحابه إلى نفي كثير ..
وهذا يبين أن أدلة القائلين بولايته مضطربة اضطراباً من عدة جهات:
1) انتفاء النص على أنه ولي، إلا النص العام الذي يدخل فيه كل عبد لله (الذي آمنوا وكانوا يتقون)، فضلاً عما سواه من الأوصاف الشرعية؛ محدث وغيره ..
2) العجز عن تفسير نوع التكليف الذي كلف الخضر عليه السلام به وصفته الشرعية وسنده علومه الغيبية المتصل.
وواضح أن شرائع الله تعالى لا تجوّز قتل الأطفال، أو أن يكون فساد في ملك الغير من غير إذنه .. ومصدر الوضوح قوله تعالى: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك لدماء).
إذا كان أمر الخضر موافقاً للشريعة فكيف يضيق موسى عن استساغته؟ .. وهو أعلم الناس بالشريعة في زمنه كما قال، وإن كان لم يرجع العلم إلى عالمه سبحانه.
3) وأما الالتجاء إلى نبوءة النساء التي ذهب إليها ابن حزم (ولعل القرطبي تبعه) فمنقوضة بأمور منها:
تخرج منها أم موسى؛ لدخولها في الناقصات من النساء، في قوله صلى الله عليه وسلم: "كمل من النساء أربع: مريم بنت عمرات، وآسيا بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم" ..
وتخرج مريم لأنها لم تخبر عن الله .. بل (لم تكلم إنسياً) و (أشارت إليه) .. لأن النبوءة - في أبسط معانيها اللغوية - إنباء وإخبار صادق عن الله .. ولا إخبار .. والإخبار قدر زائد عن تلقي الخبر الذي يسمي الله تعالى صاحبه: صديقاً. ومريم بهذا الوصف صديقة: (وأمه صديقة).
ثم إن الملك قال لها: (إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً) .. فصدقت بالمعجزة وكانت صديقة لذلك ...
4) الحق أن المواهب الإلهية التي وهبها الله تعالى للخضر ليست العلم والرحمة فقط، ولعلي أسرد بقية من الأدلة والقرائن:
= أنه كما قال عنه ربنا: (عبد من عبادنا) .. بإضافته إلى نفسه على جهة التعظيم .. ولا كذلك بقية العباد .. وهذا جزء من كل.
= قوله: (آتيناه) .. فيها تصريح بالعطاء في خاصة نفس الخضر التي صارت مستودعاً لـ (الرحمة والعلم معاً).
وقد اعتُرض على هذا بمن يطلب الرحمة من العباد (آتنا من لدنك رحمة) أو بمن يقر بوجودها في الواقع أمام عينيه (قال هذا رحمة من ربي) ..
وهو اعتراض ليس في محله، لأنه اعتراض على مجموع بمتفرق وعلى موهبة بأمنيّة وعلى عظمة بافتقار!!.
= قوله: (رحمة من عندنا). ليس رحمة فقط، ولكن رحمة من قبل الله مختصة به، وما هي هذه الرحمة؟.
= قوله: (علمناه) فيها تعظيم هذا النوع من العلم الذي تلقى الخضر، من جهة تعظيم الله لنفسه في هذا السياق، مثل (ولقد آتيناك).
= (من لدنا): فيها تخصيص مصدر الرحمة والعلم، وهو الله، وليس من جهات بشرية .. فالعلم والرحمة من لدن المولى سبحاً.
= (علماً) مفعول مطلق؛ يؤكد خلوص هذا العلم من أي شائبة بشرية؛ لأنه علم من الله تعالى.
¥