اعلم أولا: أن الرحمة تكرر إطلاقها على النبوة في القرآن، وكذلك العلم المؤتى من الله تكرر إطلاقه فيه على علم الوحي. فمن إطلاق الرحمة على النبوة قوله: تعالى في الزخرف: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمت ربك ... } الآية [43/ 31]، أي نبوته حتى يتحكموا في إنزال القرآن على رجل عظيم من القريتين. وقوله تعالى في سورة الدخان: {فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك ... } الآية [44/ 4 - 5]، وقوله تعالى في آخر القصص: {وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك} الآية [28/ 86]، ومن إطلاق إيتاء العلم على النبوة قوله تعالى: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما} [4/ 113]، وقوله: {وإنه لذو علم لما علمناه ... } الآية [12/ 68]، إلى غير ذلك من الآيات. ومعلوم أن الرحمة وإيتاء العلم اللدني أعم من كون ذلك عن طريق النبوة وغيرها. والاستدلال بالأعم على الأخص فيه أن وجود الأعم لا يستلزم وجود الأخص كما هو معروف. أضواء البيان - (3/ 322 - 323) دار الفكر الطبعة: 1415 هـ-
وأزيدك من الايات غير ما ذكر الشيخ رحمه الله تعالى قوله تعالى: "وآتاني رحمة من عنده" وقوله تعالى: "وآتاني منه رحمة" وغيرها.
فالمقصود أخي الكريم في هذا الاستقراء واضح بين؛ وهو أن لفظ الرحمة والعلم المؤتى يتكرر إطلاقهما في القرآن الكريم على النبوة؛ إما بصفة كلية؛ فيكون استقراء كليا، أو بصفة جزئية فيكون جزئيا.
فإن أتيت بآيات فيها إطلاق الرحمة والعلم المؤتى - لا غيرهما - على غير النبوة فهو ينقل استقراء الشيخ إلى جزئي وهو مختلف في حجيته، وإن أتيت بآيات فيها إطلاق الرحمة والعلم المؤتى - لا غيرهما - على غير النبوة، وكانت آياتك أكثر؛ فهو يجعل استقراءك أقوى من استقراء الشيخ.
وعندها سننتقل إلى الدليل الثاني من أدلة الشيخ.
بارك الله في الجميع.
نعم النبوةوالرسالة رحمة. ولكن الذي أميل اليه هو كما قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله أنها رحمة خاصة غير النبوة:
قال المفسرون: كان ذلك المسلك للحوت سربا، ولموسى وفتاه عجبا، فلما قال له الفتى هذا القول، وكان عند موسى وعد من الله أنه إذا فقد الحوت، وجد الخضر، فقال موسى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} أي: نطلب {فَارْتَدَّا} أي: رجعا {عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} أي رجعا يقصان أثرهما إلى المكان الذي نسيا فيه الحوت فلما وصلا إليه، وجدا عبدا من عبادنا، وهو الخضر، وكان عبدا صالحا، لا نبيا على الصحيح.
آتيناه [رحمة من عندنا أي: أعطاه الله رحمة خاصة بها زاد علمه وحسن عمله {وَعَلَّمْنَاهُ}] {مِنْ لَدُنَّا} [أي: من عندنا] عِلْمًا، وكان قد أعطي من العلم ما لم يعط موسى، وإن كان موسى عليه السلام أعلم منه بأكثر الأشياء، وخصوصا في العلوم الإيمانية، والأصولية، لأنه من أولي العزم من المرسلين، الذين فضلهم الله على سائر الخلق، بالعلم، والعمل، وغير ذلك، فلما اجتمع به موسى قال له على وجه الأدب والمشاورة، والإخبار عن مطلبه."تفسير السعدي - (ج 1 / ص 481)
لم يذكر الشيخ آية عن الرحمة في النبوة إلا جاء أكثر منها على غير النبوة.ونفس الآية الأولى بعدها "ورحمة ربك خير مما يجمعون"بعد أن ذكرهم بالنعم التي قسمها الله لهم.
أشيد بمداخلة أخي الغامدي وأريد أن نتعرف على معنى النبوة إصطلاحا , بتعريف جامع مانع.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[05 Mar 2010, 09:10 م]ـ
أخ مجدي
قلت أولاً إن العديد رجحوا أن الخضر ليس نبيئاً ..
وقلت آخراً: وغيرهم لا يرى أنه نبيء ولا رسول ..
ونحن يا أخي في منتدى، تعرض فيه الأقوال والأدلة والنقل عن الكتب، في محل النزاع .. ولا يحسن فيه الإضمار ولا الإحالات ولا التدليس ولا البلاغات ...
وأرى أن ردودك تنتقي أشياء تلزمني بها، وليست بلازمة ..
وتعرض عن الأشياء التي تلزمك .. فإما أن ترد على كل ما يورد من أدلة، أو تُعرض عنها وتبين سبب إعراضك ..
وقلت، وأنت تردّ على ابن حجر: إن ابن جرير رجح أنه ليس بنبيء .. ونقلتَ ما نقلتَ .. أين؟ لم أر نقلك يدل على ترجيح ولا غيره ..
¥