, وبهذا نكون قد أنهينا الامتحان في ثلاث مواد، ولم يبق إلا يوم غد في مادة الدراسات اللغوية المقارنة، وآمل أن ييسر الله اجتياز هذه العقبة بسلام.
جولة في الأزهر (3)
السبت 27 تموز 1974م = 7 رجب 1394 هـ
بعد أن أنهيت الامتحان حاولت أن أستشعر بعض مظاهر الركون إلى الراحة وهدوء البال بعد أن أكون قد تحولت إلى مرحلة جديدة من العمل بإذن الله , وقد قضيت الخميس والجمعة في أمور غير جادة ولكنها ليست لاهية على كل حال، كنت قد اتفقت مع الأخ الحاج جاسم منذ يوم الخميس على أن أخرج معه بسيارته لقضاء بعض الأشغال الخاصة به، وبعض الأشغال التي كان قد كُلِّفَ بها من قبل بعض الأصدقاء، في الصباح مررنا بجامعة الأزهر في منطقة الجامع الأزهر وبعد دورات في الأروقة غادرنا إلى كلية دار العلوم في جامعة الأزهر وتقع غرب مدينة نصر خلف إستاد ناصر الرياضي، وهنا كان الأخ جاسم يبحث عن نتيجة قبول الأستاذ عباس أحد معارفه من كركوك في الدراسات العليا في الكلية , وانتظرنا حتى زوال الشمس، ولكن الأستاذ المختص لم يحضر , وتحولنا من هناك إلى وزارة خارجية مصر لتصديق بعض الوثائق وبعد زحام ووقوف بالأبواب تبين أن الوثائق ناقصة، المهم مضينا صباح هذا اليوم حتى ما بعد الظهيرة في رحلة على أساس أنها ترفيهية في الأصل ولكنها كانت شاقة ومتعبة، الشعور الذي بدأ يسيطر عليَّ هو اختيار موضوع لرسالة الماجستير والسفر بعد ذلك إلى الأهل , وهذان الأمران متوقفان على نتيجة الامتحان التي أكاد أكون متأكدا منها الآن، والحمد لله.
في بيت الدكتور الجرح
الأحد 28 تموز 1974م = 8 رجب 1394هـ
بدأت أفكر في الخطوة التالية التي يجب عليَّ أن أخطوها بعد انتهاء الامتحان، وكأنه ليس لي أن أقضي أياماً من غير تفكير أو عمل , قلت لأذهب إلى الدكتور محمد سالم الجرح , كان ذلك عصر أمس , بيته قريب من مسكننا وقد كنت متردداً في تلك الزيارة، ولكن حسن استقباله قد أبعد عني وحشة ذلك الشعور , كان هناك معنا في غرفة الضيوف مصري يعمل أستاذا للنقد في الأزهر، ولم تمض إلا دقائق حتى انهال عليَّ الدكتور الجرح بسيل من شتائم المدح! وعن قابليتي في الدراسة والفهم , وأثنى على إجابتي في الامتحان، وقال إنها كانت أحسن ورقة بين الذين امتحنوا في مادته، وعَرَّجَ على المواد الأخرى وطمأنني بأنه قد سأل كلاً من الدكتور بشر والدكتور عبد الصبور شاهين عن نتيجة امتحاني عندهم , فذكروا له أن إجابتي جيدة وأنها تبشر بخير , ومن هنا عرجت إلى رغبتي في أن أعمل معه في رسالة الماجستير فقلت: شرف لي أن أكون تلميذاً لك في رسالة الماجستير , فأجابني: يا أخي إن الشرف لي أن تكون تلميذاً لي , الحقيقة أنه أبدى من الانبساط والمجاملة ما بعث في نفسي الحياء و الأمل، وبعد حديث أعربت له عن رغبتي في بيان رأيه في صلاحية موضوع المقطع في العربية لأن يكون موضوعاً لرسالة ماجستير , فأكد صلاحية الموضوع مرة أخرى , ووعدني أن ألتقي به يوم الجمعة القادم الساعة العاشرة صباحاً في بيتهم لمناقشة الموضوع.
تَرَدُّد
الاثنين 29 تموز 1974م = 9 رجب 1394هـ
ذهبت إلى كلية دار العلوم، بعد مروري بمكتبة معهد الدراسات العربية، لأستطلع بعض الأخبار عن الامتحان والنتائج، قابلت الدكتور بشر , ولَمَّحَ لي بنتائج الامتحان، بعد ذلك التقيت بأستاذي الدكتور أمين السيد وسألني عن إجابتي في الامتحان، وقال لي لو تذهب إلى دار الكتب، فقلت وما الذي أعمله؟ قال تطلع على المخطوطات لعلك تجد مخطوطة تصلح أن يكون تحقيقها ودراستها موضوعاً لرسالة الماجستير , فذكرت له ما كان من اتفاق بيني وبين الدكتور الجرح , فَقَطَّبَ بين حاجبيه , فقال لي إن هذا موضوع يتعبك , وأنه يحتاج إلى دراسة واسعة في اللغة الانجليزية , ثم إن الدكتور الجرح ربما ذهب إلى السودان منتدباً أو مفتشاً .. ! وأخبرني أن من الأفضل أن أسجل عند الدكتور بشر أو الدكتور عبد الصبور، وقد كان لهذا الحوار أثر بالغ في نفسي، فقد تركني في دوامة من الأفكار، هل أترك الدكتور الجرح الذي وعدني واطمأننت إلى أسلوبه في البحث والدراسة، هل أترك موضوع المقطع .. وأي موضوع سأختار؟ ومعنى هذا أنني أحتاج مزيداً من الوقت كي أختار موضوعاً وأتفق مع أستاذ جديد، وأنا قد حجزت للسفر بالطائرة إلى
¥