وهذا الخبر وهم عن ابن عمر، والدليل على ذلك الروايات الثابتة عن ابن عمر أنه ذكر ما حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من تطوع صلاته باليل والنهار، فذكر عشر ركعات، ثم قال وركعتي الفجر أخبرتني بها حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين إذا طلع الفجر، وكانت ساعة لا أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، فكيف سمع منه أكثر من عشرين مرة قراءته فيها؟
وهو يخبر أنه حفظ الركعتين من حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم ... (ثم ذكر ما ثبت من إخبار حفصة له) ثم قال: إن رواية أبي إسحاق وغيره عن ابن عمر أنه حفظ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهم غير محفوظ. اهـ.
وقال محمد بن نصر كما في مختصر قيام الليل ص 84:
وهذا غير محفوظ عندي لأن المعروف عن ابن عمر رضي الله عنه أنه روى عن حفصة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتين قبل الفجر، وقال تلك ساعة لم أكن أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها.اهـ
أقول: وفي عدم إخراج البخاري لهذا الحديث مع أنه على شرطه، وقد عقد في صحيحه باباً بعنوان (ما يقرأ في ركعتي الفجر)، ولم يذكر فيه سوى حديثي عائشة رقم (1170) وفيه ( .. ركعتين خفيفتين .. ) و (1171) وفيه ( .. يخفف الركعتين اللتين قبل الصبح حتى إني لأقول هل قرأ بأم الكتاب) ولم يذكر شيئاً في تعيين القراءة أشارة إلى أن هذا الحديث لم يصح عنده، وأنه معلول؛ فلذلك لم يخرجه، مع أنه أصل في هذا الباب. والله أعلم.
أقولُ: ثم وجدتُ الإمامَ البخاريَ في التاريخ الكبير 8/ 11: (بعد ذكر لعدة روايات عن ابن عمر في السنن الرواتب، وكونه عرف ركعتي الفجر من حفصة .. ) قال: ورواه أبو إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر مثله ولا يصح، والصحيح حديث حفصة.
ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 214
قال:حدثنا أبي في جماعة، قالوا: حدثنا محمد بن يحيى بن منده، حدثنا إبراهيم بن عامر، حدثنا أبي، عن يعقوب، عن أبي سيف، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر قال (رقبت رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة يصلي في الركعتين بعد المغرب، وفي الركعتين قبل الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد).اهـ.
أقول: هذا الحديث بهذا الإسناد تفرد به عامر بن إبراهيم، ولا يعرف إلا من طريقه، وقد اضطرب فيه؛ فمرة يرويه عن يعقوب، عن أبي سيف، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، ومرة عن أبي هانئ، عن شريك، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، ومرة عن محمد بن عبدالرحمن المجاشعي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
ولم يتابع على جميع هذه الروايات، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله.
وعامر بن إبراهيم: هو ابن واقد الأصبهاني المؤذن: قال أبو داود الطيالسي اكتبوا عن عامر بن إبراهيم فإنه ثقة،وقال عمرو بن علي حدثنا عامر بن إبراهيم وكان ثقة من خيار الناس.
توفي سنة إحدى أو اثنتين ومائتين.
انظر: الجرح والتعديل 6/ 319، وطبقات المحدثين بأصبهان 2/ 83، وتاريخ أصبهان 1/ 462،وتهذيب الكمال 14/ 11، و تهذيب التهذيب 5/ 54، وتقريب التهذيب 287.
ورواه الطبراني في الكبير (13493) حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة، ويحيى بن أيوب العلاف المصري، حدثنا سعيد بن أبي مريم. وفي الأوسط (188) حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة، حدثنا سعيد بن أبي مريم.
وابن عدي في الكامل 9/ 57حدثنا أحمد بن الحارث بن مسكين حدثنا أبي أخبرنا ابن وهب.
كلاهما، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر_ في الكامل عبد الله بن عمرو وهو خطأ _ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل هو الله أحد تعدل ثلث القرءان وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرءان وكان يقرأ بهما في ركعتي الفجر وقال: هاتان الركعتان فيهما رغب الدهر). لفظ الطبراني في الأوسط.
وقال: لم يرو أول هذا الحديث في قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون عن ليث، إلا عبيد الله بن زحر؛ تفرد به يحيى بن أيوب.
ولفظ ابن عدي (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرءان وإن هاتين الركعتين فيها الرغائب والخير كله).اهـ
¥