ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Mar 2004, 11:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تتمة لما ذكره أخي الشيخ ناصر الماجد أقول: إنه لم يرد تقييد الخلود في النار بالتأبيد إلا في ثلاثة مواضع، وكلها في شأن الكفار:
الأول: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) (النساء:168 - 169)
الثاني: (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) (الأحزاب:64 - 65)
الثالث: (إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) (الجن:23)
وقد جاء ذكر أصحاب النار والمراد بهم الملائكة في قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ... ) (المدثر: من الآية31) قال ابن كثير في تفسيره: (يقول تعالى (وما جعلنا أصحاب النار) أي خزانها (إلا ملائكة) أي زبانية غلاظا شدادا؛ وذلك رد على مشركي قريش حين ذكروا عدد الخزنة فقال أبو جهل: يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم فقال الله تعالى (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة) أي شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون).
وهذا هو الموضع الوحيد الذي خالف عرف القرآن في إطلاق هذا اللفظ؛ جاء في كتاب البرهان في علوم القرآن:
(وكل ما فى القرآن من أصحاب النار فهم اهل النار إلا قوله (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة)؛ فإنه يريد خزنتها.).
وأما آيتا البقرة في وعيد آكلي الربا، والمائدة في قصة ابني آدم فتحتاج إلى تفصيل أكثر، وقد علق صاحب المنار على آية البقرة بكلام يفهم منه أنها على ظاهرها، وأنها تفيد الخلود في النار. وكلامه فيه نظر - مع أن له وجهة نظر لها قيمتها وحظها من النظر -.
ومن أسلم التوجيهات لآية البقرة في شأن الربا ما ذكره البيضاوي بقوله: ((ومن عاد) إلى تحليل الربا إذ الكلام فيه (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) لأنهم كفروا به)
فالضمير في عاد راجع إلى التحليل المذكور في قوله: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) (البقرة: من الآية275).
ومن أقوال المفسرين في توجيه الآية قول الشوكاني: ((ومن عاد) إلى أكل الربا والمعاملة به (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) والإشارة إلى من عاد ...
وقيل إن معنى من عاد هو أن يعود إلى القول (إنما البيع مثل الربا) وأنه يكفر بذلك فيستحق الخلود وعلى التقدير الأول يكون الخلود مستعارا على معنى المبالغة كما تقول العرب ملك خالد أي طويل البقاء والمصير إلى هذا التأويل واجب للأحاديث المتواترة القاضية بخروج الموحدين من النار).
وقال السعدي في توجيهها: (في هذا أن الربا موجب لدخول النار والخلود فيها وذلك لشناعته ما لم يمنع من الخلود مانع الإيمان.
وهذا من جملة الأحكام التي تتوقف على وجود شرطها وانتفاء موانعها وليس فيها حجة للخوارج كغيرها من آيات الوعيد؛ فالواجب أن تصدق جميع نصوص الكتاب والسنة فيؤمن العبد بما تواترت به النصوص من خروج من في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من الإيمان من النار ومن استحقاق هذه الموبقات لدخول النار إن لم يتب منها).
ـ[أخوكم]ــــــــ[24 Mar 2004, 02:55 م]ـ
جزاكم الله كل خير على هذه الفوائد المتتالية والمرتبطة بعضها ببعض كارتباط عقد اللؤلؤ
ولعلي أختار عبارة الأخ الفاضل ناصر الماجد لتكون كخلاصة تهمني:
( .. فلا إشكال بل تعود الآيتان إلى القاعدة الأساس .. أما سائر ما ذكرته من آيات فهي واردة في أهل النار المخلدين فيها كما قررت ذلك ... وأود هنا أن أشير إلى فائدة لها تعلق بما ذكرته وهي أن كل خلود في النار جاء مؤكدا بلفظ أبدا فهو يدل على التأبيد .. )
وأكرر شكري للأخ ناصر الماجد والأخ أحمد البريدي والأخ أبومجاهدالعبيدي على معلوماتهم القيمة، وليس هذا بغريب على مشرفين في منتدى علمي
;)