تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كثير، منها ما يصرح الله عز وجل فيه بالوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومنها ما يصرح فيها بأنه أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك من الوحي بالمعنى الخاص.

ثانياً: الاستعمال الثاني الذي ورد في القرآن: وهو الوحي بالمعنى العام فمن ذلك:

أ- الوحي إلى بعض الآدميين، ويدخل فيه:

1 - الوحي إلى بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبل النبوة، وهذا ليس من الوحي بالمعنى الخاص؛ لأنه قبل النبوة فهو كالإيحاء لغيرهم، وإنما هو وحي ببعض المسائل، وليس من جنس وحي البلاغ.

مثاله: قول الله عز وجل عن يوسف صلى الله عليه وسلم: (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (يوسف:15) فقد أوحى الله عز وجل إليه ذلك وهو غلام صغير، ولم يكن نبيا في ذلك الوقت، لأن الله عز وجل آتاه النبوة بعد ذلك كما قال الله عز وجل: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً) (يوسف: 22) فهذا الوحي الذي حصل ليوسف صلى الله عليه وسلم في ذلك الحين، يمكن أن يقال في معناه: بأن الله عز وجل أنزل إليه مَلًكاً يُثَبِّتُه في وقت الشدة، ويمكن أن يقال: بأن الله عز وجل ألهمه بأن هذه المحنة ستنجلي، وأن الله عز وجل سيرفعه بعد ذلك على إخوته، كما قال الله عز وجل بعد ذلك (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ) (يوسف: 76) فهذا ليس من الوحي بالمعنى الخاص.ويمكن أن يلحق بذلك ما ذكر الله عز وجل عن يحي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حقه (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً) (مريم:12) ومعلوم أن يحيى ? لم يتول ملكاً؛ بل قتل عليه الصلاة والسلام واستضعف، فإذاً يمكن أن يفسر الحكم الذي أعطيه يحيى عليه الصلاة والسلام وهو صبي: بأنه الحكمة. ويمكن أن يلحق بذلك أيضا قول الله عز وجل عن عيسى عليه الصلاة والسلام: (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران:46) يعني في كهولته. وعيسى صلى الله عليه وسلم أخبر الله عنه أنه تكلم فعلاً في المهد (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً*وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً) (مريم:31.30) مع أن عيسى عليه الصلاة والسلام لم ينبأ إلا بعد ذلك حينما بلغ الثلاثين، وقوله: (وَجَعَلَنِي نَبِيّاً) (مريم: 30) هذا من قبيل الإخبار عن الأمر الذي يكون في المستقبل بالماضي لأنه متحقق الوقوع. كما قال الله عز وجل: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) (النحل: من الآية1) مع أن الساعة لم تأت بعد لكن لما كانت متحققة الوقوع عُبر عنها بذلك. ثم قال عيسى عليه السلام (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً) (مريم: 31) ومعلوم أن عيسى ويوسف عليهم الصلاة والسلام لم ينبؤوا في ذلك الحين وإنما نُبِّؤوا بعد ذلك فهذا وحي إلى بعض الأنبياء في بعض الأمور الخاصة قبل النبوة.

2 - الوحي إلى بعض أمهات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا الوحي ليس بكتاب، ولا رسالة، فليس هو من الوحي بالمعنى الخاص. مثال ذلك: أن الله عز وجل أوحى إلى أم موسى فقال (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ) (القصص: من الآية7) وهي ليست نبية، وكذلك مريم رحمها الله؛ قال الله عز وجل عنها (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً*قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً) *قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً) (مريم:19.18.17) فأرسل لها جبريل عليه الصلاة والسلام وكلمها وهي ليست نبية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير