تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3 - الوحي إلى الحواريين ـ وهم خلاصة أصحاب عيسى عليه السلام، وقد اختلف في عددهم؛ فقال بعضهم: هم اثنا عشر رجلاً، وبعضهم يوصلهم إلى السبعين، ولا يثبت في ذلك شيء، ويمكن أن يجمع بين هذا وهذا، فيقال: لربما بلغوا السبعين وصفوتهم وخلاصتهم ورؤسهم هم هؤلاء الاثنا عشر ـ فقال الله عز وجل: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) (المائدة:111) فهذا الوحي إلى الحواريين؛ يمكن أن يقال: إنه أوحى إليهم عن طريق عيسى ?، أي: أمر الله عيسى أن يبلغهم أن الله يأمرهم بذلك، ويمكن أن يقال: أن الله ألهمهم ذلك بأن قذف في قلوبهم صدق عيسى عليه السلام فآمنوا به.

ب - أنه يأتي بمعنى الإشارة والرمز وذلك كما في قوله تبارك وتعالى عن زكريا عليه الصلاة والسلام حينما قال: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً) (مريم:10) بمعنى أنك لا تستطيع الكلام ثلاث ليال من غير علة ولا عاهة ولا مرض؛ فهذه علامة أنه سيرزق بالولد. ثم قال الله عز وجل ـ وهذا موضع الشاهد ـ (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (مريم:11) ومعنى أوحى إليهم: أي رمز إليهم، ويفسر ذلك الآية الأخرى وهي قوله: (قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) (آل عمران: من الآية41) فخرج عليهم فرمز إليهم بهذا الرمز، أي: أشار إليهم بهذه الإشارة.

ج - الوحي إلى الملائكة عليهم الصلاة والسلام، وهو نوعان: وحي تبليغي: أي أن الله عز و جل يأمرهم فيه بالبلاغ. والثاني: وحي تكليفي: أي أن الله عز وجل يوحي إليهم ليكلفهم ببعض التكاليف. فمن الأول – وهو الوحي التبليغي ـ قوله تبارك وتعالى (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (الحج: 75) أي يصطفى رسلاً فيرسلهم إلى الرسل والأنبياء من البشر، يبلغون رسالات الله عز وجل. ومن الوحي التبليغي أيضاً قوله تبارك وتعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (الشعراء:194.193) والروح الأمين هو: جبريل عليه الصلاة والسلام. ومنه أيضاً قوله تبارك وتعالى عن جبريل عليه السلام: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (النجم:10) أي: أوحى جبريل إلى النبي ?. وكذلك قوله تبارك وتعالى (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) (النحل: من الآية2) أي: ينزلهم بالوحي، وسمى الله عز وجل الوحي روحاً؛ لأنه به حياة القلوب. وأما الوحي التكليفي: فكما في قوله تبارك وتعالى: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) (لأنفال:12) فهذا وحي تكليفي، كلف الله عز وجل الملائكة بتثبيت قلوب المؤمنين، وبضرب أعناق الكافرين وتقطيع أطرافهم؛ فلا يستطيعون حمل السلاح. وكذلك كما في قوله تبارك وتعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا) (البقرة: من الآية34) فهذا وحي تكليفي،وكذلك كما في قوله: (عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ) (التحريم: من الآية6) أي: ما كلفهم به.

د - وهو الوحي الإلهامي التسخيري لبعض الكائنات: وهو خاص وعام، فالعام هو: كل ما في الوجود فهو مسخر بأمر الله عز وجل، والخاص هو: ما ورد فيه أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى بعض المخلوقات فيما أخبرنا؛ كما قال الله عز وجل عن النحل: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (النحل:68) فمعنى ذلك ـ والله تعالى أعلم ـ:أنه ألهمها وغرس في فطرها هذا الأمر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير