تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثانيًا- إذا كان بعض المفسرين قد ذكروا أن الجنة تفتح أبوابها قيل مجيء أهلها إليها، فلأنهم فسروا الواو بأنها حالية0 وتفسيرهم لها بالحالية محكوم بالقاعدة النحوية التي تنص على أن جواب الشرط لا يقترن بغير الفاء، أو إذا الفجائية، إن كان جملة (اسمية طلبية وبجامد وبما ولن وبقد وبالتسويف) 0 فلما اعترضتهم نصوص من القرآن الكريم، ومن لغة العرب، تخالف ما اصطلحوا عليه من قواعد، أخذوا بأعناق تلك النصوص، واخضعوها لقواعدهم0 وبذلك ارتضوا القواعد النحوية مركبًا، فقتلوا أنفسهم بذلك، وقتلوا معها النصوص، متجاهلين أن النصوص القرآنية لا تخضع لقواعدهم00 اسمع إلى أبي حيان، ماذا يقول0 يقول:” التأويل إنما يسوغ إذا كانت الجادة على شيء، ثم جاء شيء يخالف الجادة، فيتأول“0

ويقصد أبو حيان بالجادة- هنا- قواعد النحو، فما خرج عنها يجب أن يتأول حتى يعود إليها0 فأي قياس معتبر هذا الذي يقوم على ذلك التأويل، الذي لم يكن إلا نتيجة للجهد الذهني العميق؟! ألا ترى أنه يجعل من النصوص القرآنية تبعًا للقواعد النحوية، والعكس هو الذي ينبغي أن يكون! ولهذا قلنا إجماع النحاة ليس بحجة ملزمة؛ وإنما الحجة الملزمة هي اللغة نفسها0 وهذا ليس قولي؛ وإنما هو قول ابن جني00 وبهذا أكون قد أجبت عن الاستفسار الثاني، والثالث0

وأما قوله تعالى: {جنات عدن مفتحةٌ لهم الأبواب} ففيه إشارة إلى ما ذكرنا من أن الجنة لا تفتح أبوابها لأهلها إلا عند مجيئهم إليها؛ لأن قوله تعالى (مفتحة) صيغة مستقبلية0 ولهذا جاءت منونة00 ولو كان المراد منها المضيَّ أو الدوامَ، جيء بها مفتوحة، أو مضمومة - على القراءتين- هكذا: جنات عدن مفتحة الأبواب لهم00 فتأمل!

ويدل على ذلك أيضًا ما جاء في تفسير القرطبي من قوله:” وإنما قال: {مفتَّحة}، ولم يقل: مفتوحة؛ لأنها تفتح لهم بالأمر، لا بالمسِّ- أي: بالأيدي- قال الحسن: تُكلَّم: انفتحي فتنفتح، انغلقي فتنغلق0 وقيل: تفتح الملائكة لهم الأبواب“0

وجاء في الدر المنثور للسيوطي قوله:” اخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله: {جنات عدن مفتحةٌ لهم الأبواب}، قال: يُرَى ظاهرُها من باطنها، وباطنُها من ظاهرها، ويقال لها: انفتحي، وانغلقي، تكلمي، فتفهم، وتتكلم“0

ومن الأوجه التي ذكرها الفخر الرازي في المراد من الآية: ” أن الملائكة الموكلين بالجنان، إذا رأوا صاحب الجنة، فتحوا له أبوابها، وحيوه بالسلام، فيدخل كذلك محفوفًا بالملائكة على أعز حال، وأجمل هيئة“0 فإذا كانت الجنة، وأبوابها هكذا، فما بالك بالنار، وأبوابها؟

وأما عن استفسارك الأخير فلا أملك إلا أن أقول: اللهم اجعلنا من الذين يفقهون كلامك، ويدركون أسرار بيانك، ولا يقولون فيه إلا صوابًا0 والحمد لله رب العالمين، والسلام على من اتبع الهدى إلى يوم الدين0

الخميس، 25 آذار، 2004 – حلب- سورية تلميذكم

محمد إسماعيل عتوك

م- ع

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Mar 2004, 02:32 م]ـ

جزاك الله خيراً على جوابك المفصل، ونفعنا وإياك بالعلم.

ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[27 May 2004, 04:58 م]ـ

كلام الله جل وعلا بريء مما ينسب إليه من الزيادة، وبريء من التأويلات المتكلفة0 وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا0وشكر الله لأستاذنا محمد إسماعيل على ما كتب، ولأستاذنا عبد الرحمن على ما أضاف من تساؤلات وتعقيبات0 وسلامي للجميع0


(وقفوهم إنهم مسؤولون)

ـ[سليمان داود]ــــــــ[31 May 2004, 10:23 ص]ـ
نعم أستاذنا
سيقف المجرمون أمام أبواب جهنم وليس كما قال البعض هو العكس، والذي يؤيد هذا الكلام الآيه 53 من سورة الكهف: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا).
جزاك الله خيرا على هذه اللمسة الرائعه.
وأضيف من تأملاتي هذه العبارة.

لو سئل أهل النار ماهي الجنة؟؟ لأجابوا: الجنة ... هي الخروج من جهنم.

ولو سئل أهل الجنة؟؟؟ ماهي جهنم؟؟؟، لأجابوا ... جهنم أن نبتعد عن هذا النعيم؟؟؟

اللهم اجعلنا من أهل الجنة ونعيمها.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Feb 2005, 12:52 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً. ولا زلنا نرغب في فوائد الأستاذ الكريم محمد إسماعيل عتوك وفرائده، وفقه الله لكل خير.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير