تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

» فيه «أكثر من حركتين، كأن نفس القارئ ينزل إلى أسفل نحو رئتيه، وبذلك يساعد على الإنزال والخفض، وكأننا بهذا المد الخاص هنا فقط نساعد على إنزال المجرم في هوة جهنم، ومسارعة سقوطه فيها.

4 ـ ألف العزة وياء الذلة:

ـ ألف العزة: هي الألف في كلمة (عباد) التي وردت في القرآن الكريم حوالي مائة مرة، في معظمها وصف بها المسلمون المطيعون لله، لذلك لا نخطئ إذا قلنا: إن غالب كلمة (عباد) في القرآن يراد بها المسلمون المطيعون لله تبارك وتعالى.

كما قال تعالى:] وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [().

نمعن النظر في الألف الممدودة في وسط كلمة (عباد) نجدها توحي بالعزة والمنعة والرفعة والسمو، وكأنها مرفوعة الرأس بطاعة الله تعالى، منصوبة القامة باستمرار، وهذه العزة والرفعة والسمو نلحظها في حياة عباد الرحمن المطيعين لله تبارك وتعالى، وفي أخلاقهم ومعاملاتهم، يعيشون بعزة قوله تعالى:] أعزة على الكافرين [().

وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t : نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، وقال بجير بن زهير بن أبي سلمى في يوم حنين ():

والله أكرمنا وأظهر ديننا و أعزنا بعبادة الرحمن

والله أهلكهم وفرق جمعهم و أذلهم بعبادة الشيطان

وما أجمل قول القائل:

ومما زادني شرفاً وتيهاً وكدتُّ بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صَيَّرْتَ أحمد لي نبياً

ـ ياء الذلة: إذا كانت ألف» العباد «ألف عزة، فإن ياء» العبيد «هي ياء الذلة! وإذا كان غالب استعمال» عباد «في القرآن للمؤمنين، فإن كلمة» عبيد «في القرآن وردت وصفاً للكفار والعصاة،وردت كلمة» عبيد «خمس مرات في القرآن الكريم فقال الله تبارك وتعالى عن كفر اليهود:] لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [().

ونمعن النظر في المواضع الخمس نجد أن الله تعالى ذكر في ثلاث مواطن في:] وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [() وهي تتحدث عن اليهود والكفار في الدنيا وأن الله ليس بظلام لهم يوم القيامة.

بينما ذكر في» سورة فصلت «بقوله:] وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [() فكلمة ربك فيه خطاب لرسول الله r والآية تتحدث عن عدل الله في منح الثواب للمحسن، وإيقاع العذاب بالكافر.

وذكر في» سورة ق «قوله تبارك وتعالى:] وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [() بضمير المتكلم لأن الآية تتحدث عن موقف بين يدي الله تعالى مباشرة يوم القيامة.

وكلمة (ظلاَّم) المبالغة في (ظلاَّم) باعتبار الكمية لا الكيفية، وقيل (ظلاَّم) للنسب كعطَّار أي: لا ينسب إليه الظلم أصلاً،و ليس ربك بذي ظلم، وقيل: ذكر الظلاَّم بلفظ المبالغة لاقترانه بلفظ الجمع وهو» العبيد «، فذلك لرعاية جمعية العبيد، من قولهم: ظالم لعبده وظلاَّم لعبيده ()، وفيه تنبيه إلى أنه لا يظلم من يختص بعبادته،

ولا من انتسب إلى غيره من الذين تسموا بعبد الشمس وعبد العزى ونحو ذلك ().

عود على بدء، ننظر في الآيات التي ذكرت ياء الذلة في» العبيد «فنجد أن التعبير عن الكفار بالعبيد يوحي بالذلة والصَّغَار، لأن الياء جاءت وسط الكلمة منبطحة ملقاة بذلة، فالكفار أذلاء جبناء ضعفاء مهانون، في حياتهم وأشخاصهم ومواقفهم، لا يريدون العزة والرفعة، ولا يشعرون بالكرامة والأنفة، تجدهم أحرص الناس على حياة، وتراهم يذلون أمام المتسلطين الظالمين، لذلك لازمتهم ياء الذلة ().

5 ـ ميِّت ... و ... ميْت: كلمتان متقاربتان، الأولى بالتشديد والثانية بالتسكين، فما هو السر الدفين في هذا التفاوت في التعبير؟ وما الفرق بين الكلمتين؟

أولاً لا ترادف في كلمات القرآن الكريم، أي لا توجد كلمتان في القرآن بمعنى واحد، بل لا بدَّ من فروق دقيقة بينهما.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير