تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال تعالى- هنا: {من الماء}، وقال في النور: {والله خلق كل دابة من ماء} [النور:45]، فعرف الماء في الأول، ونكَّره في الثاني00 أما تعريفه في الأول فلأن المعنى: أن أجناس الحيوان كلها مخلوقة من هذا الجنس، الذي هو الماء0 فذكِر الماءُ- هنا- معرَّفًا بأل الجنسية؛ ليشمل أجناس المخلوقات المختلفة الأنواع0 وأما تنكيره في الثاني فلأن المعنى: أن الله سبحانه خلق كل دابة من نوع مخصوص من الماء؛ وهو النطفة، ثم خالف بين المخلوقات، بحسب اختلاف نطفها: فمنها هوامٌ، ومنها ناسٌ، ومنها بهائمٌ

وتحرير الفرق بين القولين: أن الغرض من الأول إظهار الآية بأن أشياء متفقة في جنس الحياة، قد تكونت بالقدرة من جنس الماء المختلف الأنواع0 وأن الغرض من الثاني إظهار الآية بأن شيئًا واحدًا، قد تكونت منه بالقدرة أشياء مختلفة0

بقي أن تعلم أن قوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} من أبلغ ما جاء في القرآن الكريم، في تقرير هذه الحقيقة، التي أدرك العلماء أخيرًا سرّها00 فمعظم العمليات الكيماوية اللازمة للحياة والنمو، تحتاج إلى الماء؛ وهو العنصر الأساسي لاستمرار الحياة لجميع الكائنات والنباتات0 والماء يغطي نحو ثلاثة أرباع سطح الأرض، وله درجة ذوبان مرتفعة، ويبقى سائلاً فترة طويلة من الزمن، وله حرارة تصعيد بالغة الارتفاع، وهو بذلك يساعد على بقاء درجة الحرارة فوق سطح الأرض عند معدل ثابت، ويصونها من التقلبات العنيفة00 ولولا كل ذلك لتضاءلت صلاحية الأرض للحياة إلى حد كبير0

وللماء خواص أخرى، تدل على أن مبدع الكون، قد صمَّمه بما يحقق صالح مخلوقاته0 فالماء هو المادة الوحيدة، التي تقل كثافتها، ويزيد حجمها عندما تتجمد00 ولهذه الخاصية أهميتها الكبيرة بالنسبة لحياة الأحياء المائية؛ إذ بسببها يطفو الجليد على سطح الماء عندما يشتد البرد، وهو بطبيعة الحال الطبقة العليا، التي تتفاعل مع برودة الجو0 وبهذا الشكل فإن الجليد يطفو على سطح المياه، بدلاً من أن يغوص إلى قاع المحيطات والبحيرات والأنهار0 ويكوِّن الثلج طبقة عازلة، تحفظ الماء الذي تحتها في درجة حرارة فوق درجة التجمد0 والماء يمتص كميات كبيرة من الأوكسجين، عندما تكون درجة حرارته منخفضة، وعندما يتجمّد الماء، تنطلق منه كميات كبيرة من الحرارة، تساعد على صِيانة حياة الأحياء التي تعيش في البحار من أسماك، وغيرها00 فما أعجبَ حكمة القرآن الكريم، الذي يبين بكلمات قليلة سرَّ الحياة على هذه الأرض!

محمد إسماعيل عتوك

ـ[أخوكم]ــــــــ[02 Apr 2004, 09:30 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الكريم الفاضل "محمد إسماعيل عتوك" زاده الله من علمه ونفعه ونفعنا به

رغم أني قرأت مثل موضوعك سابقا ولكن نزولا عند رغبتك فقد قرأتُ ما دونته أناملك الكريمة

وليتك يا أخي حذفت بعض الاستدلالات الإنشائية وبعض الكلام البعيد عن مسألتنا لتكتمل فائدته

ولذا سأقف هنا مع أهم ما دونته أناملك الكريمة من كلمات تختص بموضوعنا الذي على هذا الرابط

http://tafsir.org/vb/showthread.php?s=&postid=6075

========

أولا:

قلت بارك الله فيك عن آية سورة الأنبياء ما نصه:

( ... والكلام موجه لليهود؛ لأنهم المعنيون بها00 فهم الذين كفروا بوجوده سبحانه، وبقدرته، وسرِّ صُنعه ... )

وجوابي على كلامك كالتالي:

أخي الفاضل بما أنك بنيتَ جل كلامك على هذا الأصل

فليتك تلقي نظرة ولو عابرة على سورة الأنبياء من أولها إلى آخرها

ثم أخبرنا هل أصل خطابها كان متوجها للمشركين أم لليهود

وبعد جوابك سنكون إن شاء الله قطعنا شوطا كبيرا

========

ثانيا:

ما نقلته لنا من كلام الزمخشري رحمه الله فإنه يستحق وقفة فقد قال:

( ... فإن قلت: متى رأوْهما رَتقًا، حتى جاء تقريرهم بذلك؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أنه واردٌ في القرآن، الذي هو معجزة في نفسه، فقام مقام المَرئيِّ المشاهَد ... )

وجوابي على كلامه كالتالي:

1 - كلامه يدل فعلا أن الأمر غيبي "وهذا محل نزاعنا " فلا يستدل بغيب على غيب ... فليتك تتأمل ذلك بارك الله فيك.

ثانيا: لو صح كلامه رحمه الله لانسحب على كل الأدلة العقلية التي تثبت أمورا غيبية كالإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والرسل ....

فأصبح ذكر أدلتها العقلية دون كبير فائدة، فبما أنها واردة في القرآن وقائمة مقام المرئي المشاهد فما الفائدة من ذكر أدلتها العقلية المحسوسة؟!

=========

ثالثا:

قلت بارك الله فيك ما نصه:

( ... أن تلاصق الأرض والسماء، وتباينهما كلاهما جائزٌ في العقل ... )

وجوابي على كلامك كالتالي:

أخي الكريم نحن لا نتكلم عن التباين أو التلاصق من جهة جوازه عقلا

ولكن نتكلم عن " ثبوت " ذلك الأصل لنستدل به على أمر غيبي آخر فنحج الكافر

فالبعث جائز عقلا ولكن استدل الله على ثبوته بأدلة عقلية

وكل الأمور الغيبية كذلك

فهناك فرق بين الجائز وبين الثابت أمام الناس

فالأصل الذي يراه الكافر الآن هو تباين السماء عن الأرض

بينما التلاصق هو الذي يحتاج إلى إثبات ثم نجعله مقدمة عقلية لما نود إثباته

وبما أن التلاصق شيء غير ثابت _ وإن كان يجوز عقلا _ فلا يمكن أن نستدل بشيء غير ثابت لنثبت شيئا غيبيا

=========

هذا ما عندي

والله أعلم وأحكم وأخبر وأجل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير