وقد قال بعض نحويي البصرة معنى قوله وإذ فرقنا بكم البحر فرقنا بينكم وبين الماء يريد بذلك فصلنا بينكم وبينه وحجزناه حيث مررتم به
وذلك خلاف ما في ظاهر التلاوة لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر أنه فرق البحر بالقوم ولم يخبر أنه فرق بين القوم وبين البحر فيكون التأويل ما قاله قائلو هذه المقالة وفرقه البحر بالقوم إنما هو تفريقه البحر بهم على ما وصفنا من افتراق سبيله بهم على ما جاءت به الآثار تفسير الطبري ج 1 ص 275
ولهذا الفهم ما يؤيده من أقوال الصحابة والتابعين
فمن الصحابة سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه
قال ابن أبي شيبة حدثنا شبابة عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود أن موسى عليه السلام حين أسرى ببني إسرائيل بلغ فرعون فأمر بشاة فذبحت ثم قال لا والله لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع إلي ستمائة ألف من القبط قال فانطلق موسى عليه السلام حتى انتهى إلى البحر فقال له انفرق فقال البحر لقد استكثرت يا موسى وهل انفرقت لأحد من ولد آدم فانفرق لك قال ومع موسى عليه السلام رجل على حصان قال له ذاك الرجل أين أمرت يا نبي الله قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال فأقحم فرسه فسبح به فخرج فقال أين أمرت يا نبي الله قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال والله ما كذبت ولا كذبت قال ثم اقتحم الثانية فسبح به ثم خرج فقال أين ما أمرت به يا نبي الله قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال والله ما كذبت ولا كذبت قال والله ما كذبت ولا كذبت قال فأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن أضرب بعصاك فضرب موسى بعصاه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم كالجبل العظيم فكان فيه اثنا عشر طريقا لأثني عشر سبطا لكل سبط طريق يتراؤن فلما خرج أصحاب موسى عليه السلام وتتام أصحاب فرعون التقى البحر عليهم فأغرقهم
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 334
وسيدنا ابن عباس الحبر رضي الله عنه
قال ابن أبي حاتم حدثنا عمار بن خالد الواسطي، ثنا محمد بن الحسن الواسطي ويزيد بن هارون اللفظ لمحمد، عن اصبغ بن زيد الوراق، عن القاسم بن أبي ايوب، ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال واوحى الله عز وجل إلى البحر اذا ضربك عندي فانفلق له اثنا عشر فرقا حتى يجوز موسى ومن معه ثم التقى على من بقي بعد من فرعون واشياعه فنسي موسى ان يضرب البحر فدفع إلى البحر وله قصيف مخافه ان يضربه موسى بعضاه وهو غافل فيصير عاصيا له فلما تراء الجمعان وتقاربا قال قوم موسى: انا لمدركون افعل ما امرك ربك فانك لم تكذب ولم تكذب قال وعدني اذا انتهيت إلى البحر ان ينفرق لي حتى اجاوزه ثم ذكر بعد ذلك العصا فضرب البحر بالعصا حين دنى .. جند فرعون من اواخر جند موسى فانفرق البحر كما امر الله وكما وعد موسى صلى الله عليه وسلم.
تفسير ابن أبي حاتم ج 8 صفحة 2773
وممن بعدهم جماعة كما يلي لا على الترتيب
قال ابن جرير:
وقوله فكان كل فرق كالطود العظيم يقول تعالى ذكره فكان كل طائفة من البحر لما ضربه موسى كالجبل العظيم
وذكر أنه انفلق اثنتي عشرة فلقة على عدد الأسباط لكل سبط منهم فرق
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
ذكر من قال ذلك حدثنا موسى قال ثنا عمرو قال ثنا أسباط عن السدي فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم يقول كالجبل العظيم فدخلت بنو إسرائيل وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط وكان الطريق كما إذا انفلقت الجدران فقال كل سبط قد قتل أصحابنا فلما رأى ذلك موسى دعا الله فجعلها قناطر كهيئة الطيقان فنظر آخرهم إلى أولهم حتى خرجوا جميعا
حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن بن جريج وحجاج عن أبي بكر بن عبد الله وغيره قالوا انفلق البحر فكان كل فرق كالطود العظيم اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط وكان بنو إسرائيل اثني عشر سبطا وكانت الطرق بجدران فقال كل سبط قد قتل أصحابنا فلما رأى ذلك موسى دعا الله فجعلها لهم بقناطر كهيئة الطيقان ينظر بعضهم إلى بعض وعلى أرض يابسة كأن الماء لم يصبها قط حتى عبر
تفسير الطبري ج 19 ص 80
¥