تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جمرة العقبة يوم النحر أن الوقت المستحب لها هو من بعد طلوع الشمس إلى زوالها و أن من أخرها إلى قبل المغيب جاز ذلك نقله بن عبد البر و أبو الوليد , أما الرمي قبل الفجر فمنعه أبو حنيفة و مالك وسفيان وأحمد و قالوا يعيد لحديث بن عباس رضي الله عنهما قدم النبي صلى الله عليه و آله و سلم ضعفة أهله و قال (لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس) رواه الترمذي و صححه , و خالف عطاء و طاوس و الشعبي و الشافعي و قالوا لا بأس به وإن كان المستحب هو بعد طلوع الشمس لما رواه أبو داود من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت و هو صحيح إلا أنه خاص بأم سلمة لإرسال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لها لأنه كان يومها. أما الرمي بعد المغيب فاختلفوا فيه فقال مالك عليه دم وقال أبو حنيفة إن رمى من الليل فلا شيء عليه وإن أخرها إلى الغد فعليه دم وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي لا شيء عليه إن أخرها إلى الليل أو إلى الغد وحجتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاة الإبل في مثل ذلك أعني أن يرموا ليلا وفي حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له السائل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رميت بعد ما أمسيت قال له لا حرج وعمدة مالك أن ذلك الوقت المتفق عليه الذي رمى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السنة ومن خالف سنة من سنن الحج فعليه دم على ما ورد عن ابن عباس وأخذ به الجمهور وقال مالك ومعنى الرخصة للرعاة إنما ذلك إذا مضى يوم النحر ورموا جمرة العقبة. و السنة أن يكون الذبح بعد رمي الجمرة ثم الحلق أو التقصير و هو ثالث واجب من واجبات الحج لقوله تعالى (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا) الفتح , و انعقد الإجماع على أن الحلق أفضل من التقصير في الحج لما رواه الشيخين من أنه صلى الله عليه و آله و سلم دعا للمحلقين ثلاثاً و للمقصرين مرة. و قال أبو حنيفة و مالك و أحمد الحلق أو التقصير واجب و قال الشافعي بل ركن و المرأة حقها التقصير دون الحلق، ثم ينزل لمكة فيطوف ويسعى للحج. والسنة أن يتطيب إذا أراد النزول إلى مكة للطواف بعد الرمي والحلق؛ قول عائشة رضي الله عنها: "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" متفق عليه.

باب قول الله تعالى (وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) و هذا أمر لقريش و من دان دينها أن يذهب إلى عرفات مع الناس ثم يفيض منها إلى المزدلفة و لا يفيض من مزدلفة كما كانوا بفعلون في الجاهلية فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت (كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس وكان سائر العرب يقفون بعرفات فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) و هو متفق عليه.

باب قضاء مناسك الحج و قوله تعالى (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ) أي فإذا أتتممت أركان الحج و من كان قارناً فأتى بالطواف و السعي قبل عرفات فقد أتم أركان الحج و إن أخر الطواف و السعي فيكون حتى الآن قد أتى بركنين النبية و الوقوف بعرفة و بقى له ركنين و هما طواف الإفاضة إجماعاً لقول الله تعالى (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الحج , و السعي و فيه خلاف فهو ركن عند مالك و الشافعي و أحمد و إسحاق و أبو ثور و قال أبو حنيفة هو واجب نقله النووي في شرح مسلم. و كما ذكرنا فمن كان مفرد أو قارناً فسعى مع طواف القدوم فليس عليه سعي و إن أخره فعليه السعي بعد الطواف مع المتمتع لقول الله تعالى (إن الصفا و المروة من شعائر الله فمن حج البيت أو إعتمر فلا جناح

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير