تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عليه أن يطوف بهما) و نفي الجناح إنما خاص بمن تحرج من السعي لأن عروة لما سمع قول الله تعالى (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) قال هذا دليل على أن ترك الطواف جائز ثم رأى الشريعة مطبقة على أن الطواف لا رخصة في تركه فطلب الجمع بين هذين المتعارضين فقالت له أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه و كانت فقيه في دين الله تعالى ليس قوله تعالى (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) ليس دليلا على ترك الطواف إنما يكون دليلا على تركه لو كان فلا جناح عليه ألا يطوف بهما فلم يأت هذا اللفظ لإباحة ترك الطواف ولا فيه دليل عليه وإنما جاء لإفادة إباحة الطواف لمن كان يتحرج منه في الجاهلية أو لمن كان يطوف به في الجاهلية قصدا للأصنام التي كانت فيه فأعلمهم الله سبحانه أن الطواف ليس بمحظور إذا لم يقصد الطائف قصدا باطلا قال القرطبي فإن قيل فقد روى عطاء عن ابن عباس أنه قرأ قوله تعالى (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما) وهي قراءة ابن مسعود ويروى أنها في مصحف أبي كذلك ويروى عن أنس مثل هذا والجواب أن ذلك خلاف ما في المصحف ولا يترك ما قد ثبت في المصحف الى قراءة لا يدري أصحت أم لا وكان عطاء يكثر الإرسال عن ابن عباس اه و اعلم أن تأخير القارن للطواف و السعي فيه خلاف فقال جماعة علىالقارن طواف و سعي واحد كعبد الله بن عمر و جابر و به قال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور. وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وابن أبي ليلى على القارن طوافان وسعيان ورووا هذا عن علي وابن مسعود.

باب أيام منى ثم توديع البيت الحرام و قول الله تعالى (فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ 200 وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ 201 أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ 202 وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ 203) و بعد الطواف و السعي يكون قد تحلل تحلل أكبر و يرجع إلى منى فيبيت بها و هو رابع واجب من واجبات الحج ليلتي اليوم الحادي عشر والثاني عشر إن تعجل و إن تأخر فالثالث عشر و المبيت بمنى أيام التشريق واجب و هو قول عمر بن الخطاب و بن عباس و عروة و إبراهيم و مجاهد و عطاء و مالك و الشافعي و رواية لأحمدو اختاره بن المنذر. و قال الحسن و أبو حنيفة ليس بواجب , و قال مالك إن تركه عليه دم على كل ليلة و قال الشافعي و روايه لأحمد بل إن ترك الثلاثة دم و من أوجب المبيت بمنى احتج بفعله صلى الله عليه و آله و سلم و بما رواه الشيخين عن بن عباس قال استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن يبيت بمكة ليالي منى من اجل سقايته فأذن له، و رمي الجمرات الثلاث مرتباً هو خامس واجب من واجبات الحج إجماعاً حكى صاحب البحر و الرمي يبدأ فيه الرمي بعد الزوال خلاف يوم النحر لما رواه مسلم من حديث جابر قال (رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى وأما بعد فإذا زالت الشمس) قال مالك و الشافعي و أحمد ولا يجزئ قبل الزوال خلافاً لعطاء و طاوس و استثنى أبو حنيفة و إسحاق اليوم الثالث و جوزوا الرمي فيه قبل الزوال و كل ذلك مرجوح لحديث جابر , والأفضل أن يذهب للرمي ماشياً وإن ركب فلا بأس، فيرمي الجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات عن مكة وهي التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى، ويكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم قليلاً ويدعو دعاء طويلاً بما أحب، فإن شق عليه طول الوقوف والدعاء دعا بما يسهل عليه ولو قليلاً ليحصل السنة. ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل حصاة، ثم يأخذ ذات الشمال فيقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه ويدعو دعاء طويلاً إن تيسر عليه وإلا وقف بقدر ما يتيسر، ولا ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء لأنه سنة، وكثير من الناس يهمله إما جهلاً أو تهاوناً، وكلما أضيعت السنة كلما كان فعلها ونشرها بين الناس أؤكد لئلا تترك وتموت. ثم يرمي جمرة العقبة الصغرى بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم ينصرف ولا يدعو بعدها. فإذا أتم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر، فإن شاء تعجل ونزل من منى، وإن شاء تأخر فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق، والتأخر أفضل، ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر وهو بمنى فإنه يلزمه التأخر حتى يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال، ولكن لو غربت عليه الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر بغير اختياره مثل أن يكون قد ارتحل وركب لكن تأخر بسبب زحام السيارات ونحوه؛ فإنه لا يلزمه التأخر؛ لأن تأخره إلى الغروب بغير اختياره. فإذا أراد الخروج من مكة إلى بلده لم يخرج حتى يطوف للوداع و هو سادس واجب من واجبات الحج و الأخير لما رواه الشيخان عن بن عباس (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) أي أمر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت طواف الوداع إلا الحائض والنفساء فليس عليهما وداع، ولا ينبغي أن يقفا عند باب المسجد الحرام للوداع لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم و طواف الوداع إنما هو آخر العهد بالبيت إذا أراد أن يرتحل للسفر، إلا أنه إن بقي بعد الوداع لانتظار رفقة أو تحميل رحله أو شراء حاجة في طريقه فلا حرج ولا يعيد الطواف إلا أن ينوي تأجيل سفره مثل أن يريد السفر في أول النهار فيطوف للوداع، ثم يؤجل السفر إلى آخر النهار مثلاً، فإنه يلزمه إعادة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت.

تم بحمد الله.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير