فالله عز وجل أمرنا باتباع صراط من تقدمنا، لأن دين الله واحد في جميع الأزمان، يدل عليه قوله تعالى في سورة النساء: (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده)، وفي الآية الإشارة إلى الاقتداء بالسلف الصالح.
(المغضوب عليهم) اليهود، فالغضب خص به اليهود وإن شاركهم النصارى فيه، لمعرفتهم الحق وإنكاره ويأتون الباطل عمداً.
(ولا) أكد الله بها الكلام ليدل أن ثم مسلكين فاسدين وهما طريقة اليهود وطريقة النصارى.
(الضالين) النصارى، لأنهم جهلة لا يعرفون الحق فكان الضلال أخص صفاتهم.
السلف الصالح وسورة الفاتحة
سورة الفاتحة هذه السورة العظيمة التي تعددت أسمائها، هي درس عظيم لكل مسلم وذلك لعظيم شرفها ولعظيم ما فيها من الفضائل المذكورة في السنن، فهي فاتحة الكتاب الكريم فسورة الفاتحة اشتملت على أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وفيها من عظيم الثناء على الله تعالى، ما تعلم السلف منه أن يكونوا من الحمادين، وتضمنت السورة من إثبات النبوات، وإثبات الجزاء على الأعمال، وإثبات القدر، وإخلاص الدين لله ما جعلت السلف الصالح ـ رضوان الله عنهم ـ حجة على الخلق من بعدهم، فهم ولله الحمد، اعتنوا بهذه السورة وبغيرها من سور القرآن الكريم عناية فائقة، ومن عنايتهم فهمهم لمعنى الصراط المستقيم، الذي هدى له محمد صلى الله عليه وسلم ومن قبله الأنبياء ـ عليهم السلام ـ وقد زكاه الله تعالى من فوق سبع سماوات فقال في سورة الشورى: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) قال الإمام الطبري: أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعاً على أن (الصراط المستقيم) هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه، وذلك في لغة جميع العرب.
(والصراط المستقيم) هو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقا. والسورة ردت على جميع أهل البدع والأهواء الذين خرجوا عن التمسك بالكتاب، والعمل بما أمره الله به والانزجار عما زجره عنه.
وقد جعل الله تعالى في السورة طائفتين من الناس وحذرنا منهم وهي: طائفة: (المغضوب عليهم) وهم اليهود وطائفة (الضالين) وهم النصارى. وقال في سورة يس (ألم أعهد أليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين، وان اعبدوني هذا صراط مستقيم)، فطريقة أهل الإيمان وعلى رأسهم السلف الصالح مشتملة على العلم بالحق والعمل به، واليهود فقدوا العمل، والنصارى فقدوا العلم، ولهذا كان الغضب لليهود والضلال للنصارى.
فأهل العلم منا إذا ترك العمل بدين الله كان أشبه بالمغضوب عليهم، وأهل العبادة منا إذا ترك العمل بدين الله كان أشبه بالضالين. لذلك لما فهم السلف الصالح هذه المعاني نقلوها لنا قواعد مهمة في فهم الدين.
بدع واعتقادات فاسدة
من البدع في استعمالات سورة الفاتحة في غير موضعها:
· قراءتها للأموات.
· قراءتها على القبور.
· قراءتها إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم.
· قراءتها إلى روح المسلمين.
· قراءتها عند عقد النكاح، بدلاً من قراءة خطبة الحاجة.
· قراءتها بعد قراءة القرآن كما هو حاصل عندنا في المسجد الأقصى.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Apr 2004, 09:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيراً - أخي عبدالله - وشكر لك على هذا العرض الطيب لتفسير سورة الفاتحة.
ولعلك تواصل المسير، وتعطينا المزيد وفقك الله.
ولي بعض الوقفات مع ما ذكرته أعلاه:
أولاً - قولك عند الكلام عن البسملة: (أي اقرأها على أنها منك) فيه - فيما يظهر لي إشكال؛ فلعلك توضح المعنى أو تغير العبارة.
ثانياً: قولك: (فالحمد يكون لله فقط ولا يكون لغيره) هل هذا حكم يدل عليه دليل؟ أم أنه اجتهاد؟
ألم يسمَ النبي صلى الله عليه وسلم محمد وأحمد لأنه يستحق الحمد؟
يمكن أن يقال: إن الحمد الكامل الشامل لا يكون إلا لله، وقد يحمد غيره حمداً يناسب مقامه.
فما تعليقكم وفقكم الله؟
ثالثاً - قولك تعليقاً على قوله تعالى: " إياك نعبد وإياك نستعين": (وفي الآية وعدنا الله تعالى إذا نحن لجأنا إليه بإجابة سؤالنا) لم يظهر لي وجهه. فأين الوعد في الآية؟ الآية فيها الإخبار المؤكد من العبد بأنه لا يعبد إلا ربه، ولا يستعين إلا به جل وعلا. هذا هو ظاهرها.
فهل لكم من وجهة نظر حول هذا؟
وختاماً: وقفاتك التربوية مع الآيات مما يذكر فيشكر لك، ولعلك تذكر المراجع التي تنقل منها ما تذكر إذا كان منقولاً من باب إفادة القارئ، ومن باب الإمانة العلمية.