تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ"

وهذا الذي أخبر به النبي صلى الله عليه السلام هو الغالب على حال العرب في ذلك الزمن، ولا يعني هذا أنه ليس فيهم من يعرف القراءة والكتابة، ولا يعني أن هذا حث للأمة أن تبقى على هذا الحال كما فهمه أو يفهمه البعض، وإنما قال ذلك صلى الله عليه وسلم في سياق بيان أحكام الصيام؛ بداية الشهر ونهايته،فعلق الحكم بالرؤية المتيسرة لكل أحد فقال: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة". وهذا من اليسر الذي بني عليه الإسلام كما قال بن بطال في شرحه على البخاري:

"وإنما المعول على الرؤية في الأهلة التي جعلها الله مواقيت للناس في الصيام والحج والعدد والديون، وإنما لنا أن ننظر من علم الحساب ما يكون عيانا أو كالعيان، وأما ما غمض حتى لا يدرك إلا بالظنون وتكييف الهيئات الغائبة عن الأبصار فقد نهينا عنه، وعن تكلفه."

والرسول صلى الله عليه وسلم كان ينطبق عليه هذا الوصف الذي ذكره عن أمته بنص الكتاب، قال تعالى:

(وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) سورة العنكبوت (48)

والآية واضحة في أنه لم يكن يتلو لأنه لا يعرف صورة الحرف ولا يقدر أن يخطه بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم. وهذا أمر قدره الله تعالى ليكون من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم والآية واضحة في ذلك.

وأما كون الأمية نقص في حقه صلى الله عليه وسلم فلا، نعم قد تكون في حق غيره، أما هو فلا.

كم ممن يجيد القراءة والكتابة ولكنك لا تأمنه على ثلاث من البهم.

أما النبي صلى الله عليه وسلم فهو معلم الدنيا.

النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ ولم يكن يكتب ولكن الله حباه عقلاً لا تساويه عقول العالمين، وحباه قلبا لا تساويه قلوب العالمين، وحياته وسيرته صلى الله عليه وسلم شاهدة بذلك.

النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن كما يظنه البعض مجرد واسطة أو آلة ينقل ما سمع ويبلغه للآخرين وينتهي دوره،لا.

لقد كلف صلى الله عليه وسلم بتقديم المثال الحي لوحي الله على الأرض، كلف بإبلاغ الشريعة أولاً والدعوة إليها والجهاد من أجل التمكين لها في الأرض ومن ثم تربية الأتباع على التطبيق الصحيح لهذه الشريعة، وما كان له ذلك لو لم يكن الله قد حباه من المعاني والصفات الخلقية ما تجعله أهلاً لذلك.

لقد كان صلى الله عليه وسلم الداعي والمربي والمعلم والمحاور والقائد والمقاتل والقاضي والأب والزوج والجار ..... وهيهات هيهات أن يبلغ أحد مبلغه صلى الله عليه وسلم في أي جانب من هذا الجوانب.

وصدق الله العظيم القائل: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) سورة القلم (4)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير