لكن اسمح لي شيخي أن أوضح لكم موقفي مرة أخرى فأنا لم أتبن القول بأن الأمي هو من ليس له كتاب، فقط أنا أصر على أن الأمي هو الذي لا يقرأ ولا يكتب، لكن وبضرب من التوفيق حاولت أن أجمع بين الرأيين لإصرار المفسرين على ذكرهما معا، ولتصيد الملحدين والمشككين للرأي الذي لا أتبناه ليحاجونا به على أنه صلى الله عليه وسلم كان عالما يقرأ ويكتب وأنه قد ألف القرآن بضرب من العبقرية التي لم تتوفر لغيره وقلت بالنص:
" أتابع هنا تتمة ما بدأت لأن من وقفوا على أن الكتابيين كانوا يطلقون على العرب: وصف أميين لم يفقهوا أن بين الأمي الذي هو العربي أو غير الكتابي مطلقا، وبين الأمي الذي هو غير عالم بالقراءة والكتابة أن بينهما قرابة ورحما من جهة المعنى، فلنتصفح إذن أمهات المعاجم وكتب التفسير والمفردات لندرك بعد هذا التصفح أن لفظ الأمي يطلق إطلاقا أصيلا على الذي لا يقرأ ولا يكتب نسبة إلى الحالة التي خرج عليها من بطن أمه حيث لم يخرج أحد عالما أو قارئا كاتبا وفي هذا المعنى جاء قوله سبحانه: {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا} وكانت اليهود تطلق على العرب " أميين " لأنه لم ينزل إليهم كتاب وهذا سر عدم اتجاههم إلى القراءة والكتابة لأن الأمة التي يكون منهاجها الديني مسطورا في كتاب مقدس تتجه عادة إلى التعلم والتعليم لإجادة قراءة وكتابة كتابهم المقدس، وهذا سر انتشار القراءة والكتابة لدى الكتابيين في هذا العهد أكثر من انتشاره وعلى هذا فلفظ الأمي متجه في معناه الأصل ومعانيه المتفرعة عنه إلى عدم إجادة القراءة والكتابة والمعنى اتبعوا هذا النبي الأمي المنتسب إلى الأمة الأمية التي لم ينزل عليها كتابا لتقرأه ضرورة أنه لم يبعث إليها رسول. "
**********
وبهذا المعنى يصبح وصف الأمي والأميين ساريا مع نزول القرآن الكريم فقد استمر النبي صلى اله عليه وسلم غير عالم بالقراءة ولا الكتابة حتى وفاته، كما أن فضيلتكم لا تحتاجون لأن أذكر لكم أن الكتبة في عصر الرسالة على ندرتهم لأسباب عديدة حالت دون انتشار الكتابة والقراءة.
وأخيرا أحب أن ألفت نظر فضيلتكم إلى أن الرأي الذي ارتآه أخونا الكريم احتيج معه لتشعبه وتفرعه إلى ركوب مركبة المجاز والتأويل ليصل إليه، بخلاف ما رجحناه فهو مؤيد بالكتاب والسنة صراحة واعتماد جمهرة المفسرين له، ومضيه مع قواعد التفسير واللغة التي تقدم الحقيقة على المجاز ارتكازا على الأصل.
الأهم من ذلك أنا جد سعيد بالتفاعل والتحاور مع شيخ جليل هو شيخي أبو أحمد وإن اختلفنا في الرأي
ـ[أحمد تيسير]ــــــــ[19 May 2009, 04:07 م]ـ
إعادة رفعها للاستفادة ......
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[19 May 2009, 06:17 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لقد وصف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بوصف "الأمي" في قوله تعالى من سورة الأعراف:
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158))
والرسول صلى الله عليه وسلم وصف بهذا الوصف لأنه كان من أمة أمية، أي: أمة لا تقرأ ولا تكتب. وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره من حديث بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
¥