تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الماء … أرتفع وعلا وفي المعنوي: طمّ الأمر اشتدّ وجاوز الطامة .. ) (10) وسميت الصاخة يقال صخّت تصخّ صخّاً أي تصم ويقال رجلٌ أصخ … إذا كان لا يسمع) (11) وبهذا صورت كيفية وقوعها بالغاشية ومدى تأثيرها مقارنة بغيرها بالطامة وكيفية وقوعها بالقارعة وأثرها عند وقوعها بالصاخة، وبهذا وعن طريق تسميتها بجانب منها وٌصفت كلها ومن جميع جوانبها، والمهم هنا أن كل هذه التسميات إنما جاءت بصيغة الفاعل فكأنها هي التي تصخّ وتقرع وتقع … الخ، فضلاً عن تعريفها بالألف واللام الذي هو تعريف جنسٍ لتميزها من بين الأجناس لأن في استحضاره زيادة تهويلٍ لأنه حقيقٌ بالتدبر (1) والأهم من كل هذا أنّ جميع هذه التسميات جاءت كناية عن يوم القيامة و (الكناية عبارة عن أن تذكر لفظةً وتفيد بمعناها معنى ثانياً هو المقصود وإذا كنت تفيد المقصود بمعنى اللفظ وجب أن يكون معناه معتبراً …) (2) فالكناية إرادة المعنى الثاني مع جواز إرادة المعنى الأول، وبهذا يكون التعبير بها هنا أقوى من أي تعبيرٍ آخر، أي أنّ الصاخة لا تتضمن أسلوباً مجازياً المقتضى منه التهويل والتخويف فقط وإنما هو كذلك ومضافاً إليه أن معناه الأول (الحقيقي) حقيق الوقوع على الإرادة. والله أعلم.

ب – تسميته باعتباره وصفاً لنفسه: يكثر في الاختيار القرآني مثل هذا حيث يتم العدول عن التسمية الأساسية إلى تسميةٍ تتعلق بفعلٍ خاصٍ يكون هو المقصد الدلالي الذي يحتاجه السياق كقوله تعالى: (كلا لينبذن في الحُطمة) (الهمزة: 4) والحطمة (الكثير التحطيم وأطلقت على جهنم لتحطيمها المكذبين بها) (3) ولأن من (شأنها أن تحطم كل ما يلقى فيها، ويقال للرجل الأكول إنه لحطمة) (4) كما أن (بناء فُعَلة يدلّ على أن ذلك عادة) (5) وإنما اختيرت على هذا الوصف (صيغة المبالغة) لتكون على وزن الصيغة التي ضمنها الذنب (هُمزة و لُمَزة) حتى يحصل التعادل بين الذنب والجزاء فالمذنب الذي ضرّى بالذنب جزاؤه هذه الحطمة التي هي ضاربة بحطم كل ما يُلقى

إليها (6) ومن هذا قوله تعالى: (وأنزلنا من المعصرات ماءً ثجاجاً) (النبأ: 14) أي (السحائب التي تعتصر بالمطر أي تصب وقيل التي تأتي بالإعصار) (7) وفسرها ابن عباس بـ (السحاب يعصُرُ بعضه بعضاً فيخرج الماء من بين السحابتين .. ) (واعتبرت بنت الشاطئ هذا من قبيل الشرح فهي لا ترى ضرورةً في تقييده بسحابتين، وقالت بأن العصر في كل صيغة واستعماله يرجع إلى أصل دلالته على الضغط لاستخلاص العصارة (1) والغيوم إذا أعصرت – كما يقول محمد عبده – جاء وقت أن تعصر الماء فيسقط منها المطر (2).

ج – تسمية الشيء باعتبار ما سيكون عليه: وهو من أساليب الإيجاز كما في قوله تعالى: (وقال نوحٌ ربِ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً إنكَ إن تذرهم يضلوا عبادكَ ولا يلدوا إلا فاجراً كفّاراً) (نوح: 26 – 27) فَسُمِّيَ الأنباء بما سيكون عليه من فجورٍ وكفرٍ وبذلك أصبح هذا الأخبار عِلةً للإهلاك على أن هذا الأخبار لم يكن بمعناه المجازي لعلاقة الاستقبال لأنه إخبار عن وحي يصل إلى الأمر الحقيقي قال تعالى: (وأوحي إلى نوحٍ أنه لن يؤمنَ من قومِكَ إلا من قد آمن) (هود: 36) فكانت تسميتهم بما سيكونون عليه عِلةً لإنزال العقاب عليهم فناسب السياق تسميتهم بهذا فكانت التسمية هنا لحاجة السياق كما هي في قوله تعالى: (بل عجبوا أن جاءهم منذرٌ منهم فقال الكافرون هذا شيءٌ عجيب) (ق: 2 – 3) فقد كان القياس أن يقال (فقالوا) بالضمير مثل (عجبوا، وجاءهم، ومنهم) لأن المُخبَر عنهم واحدٌ في كل هذه الألفاظ لكنه تعالى قال (فقال الكافرون) وإنما سمّاهم بالكفر هنا (للشهادة على أنهم في قولهم هذا مُقدِمونَ على الكفر العظيم) (3).

ثالثاً: للتعبير عن الشيء بما هو معه في علاقة خاصة: فقد يعدل التعبير القرآني عن لفظٍ ما إلى لفظٍ آخر كونه يشترك مع مدلوله في علاقةٍ تتحقق بالإخبار بها فائدة دلالية وهذه سمة أسلوبية كثيراً ما تستخدم في القرآن لأنها تعبر عن هذه العلاقة بأوجز تعبير من غير إطنابٍ وتفصيلٍ يضيع معه الترابط كـ:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير